لا حاجة للمعصوم عليه السّلم الى التمسّك بمثل هذا الدليل فى الاحكام الشّرعية فانه مصدّق فيما يخبر به لانا نقول الاحتمال المذكور فى غاية البعد اذ لو كان القياس الّذى ذكره محرما فى الشّرع لكان تمسّكه عليه السّلم به موجبا للاغراء بالجهل اذ لعل طائفة او واحدا يتوهم ان هذا الاستدلال كاستدلاله بالكتاب والسّنة الّذى هو جائز شرعا ولا يخطر ببالهم انه من باب الجدل فيلزم الفساد وذلك منه غير جائز ومع هذا فظاهر الرّواية كما لا يخفى على من لاحظها انّه تكلم مع الصّحابة وليس احد منهم يجوز العمل بالقياس حتّى يصحّ مجادلتهم به واما اطلاق العبارات المتضمّنة لدعوى الاجماع على حرمة العمل بالقياس فلانه لا يفيد العلم بحرمة ما نحن فيه كما لا يخفى بل قد ندّعى اتّفاق الاصحاب على حجيّة ما نحن فيه لانّهم قد تمسّكوا فى موارد متعدّدة فى الفقه بقاعدة الاولويّة ولما ذكر ربما جرى على القول بحجية القياس بطريق الاولوية ايضا فيما لو كان حكم الاصل ثابتا بالعلم من غير اللّفظ كالاجماع بالاقسام الماضية ولا بدّ له من القول بالحجيّة ايضا فيما لو كان حكم الاصل ثابتا بالظنّ من باب حجية مطلق الظنّ غير الظّنون الخاصّة بالاقسام الماضية فلم يبق من القياس بطريق الاولويّة فردا لا وهو يقول بالحجّيّة فيه لكن للكلام فيما ذكره مجال والظّاهر بل بلا اشكال انّ ملاحظة الاخبار الدّالة على حرمة العمل بالقياس وكذا الاخبار الدالة على عدم جواز العمل بالقياس بطريق الاولويّة كما دلّ على بطلان قياس ابليس والنقض على ابى حنيفة وكذا اطلاق الاجماعات المنقولة على عدم جواز العمل بالقياس توجب الظنّ القوى بل العلم بعدم حجية القياس بطريق الاولويّة ولا يلزم فيما يدلّ على عدم جواز العمل بالظنّ بناء على حجيّة مطلق الظنّ كونه قطعيّا كما هو ظاهر المستدل فيما ذكره هنا بل يكفى كونه ظنا بناء على حجية مطلق الظنّ فى الاصول على تقدير اختلاف الوارد والمورود كما فى مورد الكلام فالصّواب فى الجواب هنا ما تقدّم به من الوجهين فى النقض بالقياس بطريق المساواة ان المحقّق القمّى فى فاتحة القوانين فى الجواب عن الايراد على اخذ العلم فى جنس الفقه بان اكثر الفقه من باب الظنون جعل حجيّة مطلق الظنّ من باب الموضوعيّة حيث انّه حكم بان حجيّة الظنّ عند انسداد باب العلم من باب التقية وعلى ذلك الحكم المظنون للمجتهد من باب الواقعى الثّانوى بل يقتضى القول بذلك ما ذكره فى بحث اصل البراءة من امتناع التكليف بالواقع فى حال امتناع العلم وان ينافى هذا دعوى بقاء التكاليف الواقعيّة فى الاستدلال على حجيّة مطلق الظنّ بدليل الانسداد كما تقدّم بل مقتضى كلماته فى باب الجاهل القاصر موضوعيّة الجهل اقول انّه ربما قسم السيّد السّند النّجفى والعلّامة النّجفى والوالد الماجد ره الحكم الى اربعة اقسام الواقعى الاولى والواقعىّ الثانوى والظّاهرى والعذرى والمقصود بالواقعىّ الأولى ما كان متعلّقا بالفعل او التّرك على حسب المصالح والمفاسد الواقعيّة ابتداء من غير ان يكون مسبوقا بحكم آخر وهو اعمّ من ان يكون موضوع الحكم اعتقادا كما فى اصول الدّين او غيره كما فى الواجبات والمحرمات من الفروع والمقصود بالواقعى الثانوى ما كان تعلّقه من الواقعى الاولى بصورة التعليق على امر من الاعتقاد كما فى الظنّ بالركعات او الشكّ كما فى الشكّ بين الثلث والاربع مثلا او الاضطرار كما فى درجات الصّلاة الاضطراريّة او ما عدا الايماء بناء على كونه من باب البدل لا الصّلاة او غير ذلك كما فى التيمّم لقوله سبحانه (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) لكن التّعبير بالثانوى فى ذلك بملاحظة التعبير فى جعل الحكم والّا فحكم واجد الماء وحكم فاقد الماء فى جانب العرض لا الطّول وبما ذكر ظهر ان وجوب الحج ليس من باب الواقعى الثّانوى لانّه وان كان مشتملا على التّعليق لكنه ليس مسبوقا بالواقعى الاولى وعلى هذا المنوال الحال فى الخمس والزكاة وغيرهما من الواجب المشروط والمقصود بالظاهرى ما يستفاد من الكتاب والسّنة وهذا قد يكون (١) من باب الواقعى الثّانوى فهذا القسم ليس قسما مستقلا بنفسه والمقصود بالعذرى ما كان المدار فيه على مجرّد رفع العقاب كما فى الغفلة والسّهو والنّسيان ومن هذا ان اطلاق الحكم على ذلك من باب المسامحة فمن ذلك حكم الغافل والسّاهى والناسى وكذا ما يقتضيه اصل البراءة من عدم العقاب على ما لا نصّ فيه وجوبا او حرمة باتفاق المجتهدين والاخباريين فى الاوّل واتفاق المجتهدين فى الثّانى حيث انّ مفاد اصل البراءة بالاصالة انّما هو عدم العقاب على ما لا نصّ فيه وامّا ثبوت الاباحة فانما هو من باب الاستلزام قضيّة عدم تخلّل الواسطة بين انتفاء التّكليف وثبوت الاباحة إلّا ان يقال ان عدم التّكليف عين الاباحة بناء على كون الامر بالشيء عين النّهى عن الضدّ العام وياتى مثله فى باب الغافل واخويه ويخرج عن الاقسام المذكورة الحكم العملى كالاستصحاب بناء على كون اعتباره من باب اخبار اليقين ومع عدم اعتباره مع انكشاف الخلاف والّا فهو من باب
__________________
(١) من باب الواقعى الاولى وقد يكون