وكون الشرط مصلحا لحال الاقتضاء فعليه المدار ومنه اشتراط اخضرار الاشجار بوصول الماء الى عروق الاشجار وان كان العقل حاكما جزما او ظنّا بناء على حجية الظنّ بممانعة الضد فعليه المدار ومنه ممانعة هبوب الريح من إضاءة فتيلة السّراج بخلاف وصول الماء الى عروق الاشجار وما نحن فيه من هذا الباب حيث ان العقل يحكم باكمال العلم لحال استحقاق العقاب وعدم استقلال العقل فى استحقاق العقاب بل يمكن ان يقال ان اقتضاء الطبائع للآثار بالذات لا بواسطة العوارض الخارجة واما الفصول فالطبيعة دائر امرها مدار الفصول وهى تنقسم على حسب اقسام الفصول ولا اقتضاء لها بنفسها لعدم استقلال الجنس فى الوجود ففى المقام استحقاق العقاب على نفس الفعل اذ حال العلم والجهل من العوارض الخارجة فالجهل من باب المانع ولا يكون العلم من باب الشرط وان امكن القول بانه لا باس باستقلال الجنس فى استحقاق العقاب مع قطع النظر عن الفصول ودعوى ان الجنس غير متاصل فى الوجود مردودة بان الجنس متاصل فى الوجود وليس الفرد الا الجنس الموجود ولا سيّما بعض الافراد حيث انه لا يكون ممتازا عن الطبيعة الا بالوجود وان يكون بعض الافراد مقرونا ببعض الامور زائدا على الطبيعة فالجنس انما يقتضى ما يقتضيه لكن قد يتطرق عليه باعتبار الفصل ما يصير قاهرا على اقتضاء الجنس فيختلف اقتضاء الجنس والفرد ومنه الصّدق الضّار والكذب النافع لكن قد يكون الجنس خاليا عن الاقتضاء الا ان الفصل يقتضى بعض الآثار هذا فى دوران الامر بين اشتراط الشيء وممانعة ضده واما دوران الامر بين اشتراط الشيء وممانعة عدمه فلا مجال له لان الاعدام لا تاثير لها فى الاصلاح ولا فى الافساد فلا مجال لممانعة لعدم وقد تقدم وجهان آخران فى الاستدلال على ممانعة الجهل مع الكلام فيهما بل تقدم نصرة القول باشتراط العلم لكن تاذى الخيال فى هذه الاوان الى القول باشتراط العلم مع مزيد كلام فى المقام ولذا تطرق الحاجة الى تكرار البحث فى هذه الأيام رابعها أنه لا اشكال فى تطرق العقاب فى ترك الواجب على التمرد ولا اشكال فى جواز العقاب بالنار على التمرد قضية ان غاية عظمة الله سبحانه توجب جواز العقاب بالنار على التمرد ولا اشكال فى اختلاف العقوبات باختلاف الواجبات وهو يكشف عن مداخلة نفس ترك الواجب فى العقاب والا فالتمرد لا يختلف عقابه باختلاف الواجبات فلو كان العقاب منحصرا فى جهة التمرد لما اختلف العقوبات ولا اشكال فى ان ارباب التربية يعاقبون على تقوية المصالح كما يعاقبون على احداث المفاسد ويختلف عقوباتهم فى تقوية المصلحة باختلافها ضعفا وقوة ولا اشكال فى ان ترك الواجبات الشرعية يكشف عن خبث النفس ويختلف خبث النفس شدة وضعفا باختلاف شان الواجبات كما ان تفويت المصالح والكمالات العرفية يكشف عن دناءة النفس ورذالتها ويتاتى الاشكال فى جواز العقاب من الحكيم العادل بالنار على تفويت المصلحة الكامنة فى الواجبات لكن ما يفعله الحكيم خال عن الاختلاف وما لا يدركه العقل غير عزيز بل يتاتى الاشكال فى العذاب بالنّار على فعل الحرام مع قطع النظر عن التمرد اللهم إلّا ان يقال ان استحقاق النار على فعل الحرام انّما يتاتى بملاحظة كونه فى حضور الله سبحانه ولا ريب فى اختلاف قبح الفعل بكونه فى السرّ والعلانية سواء كان من المحرّمات الشرعية او غيرها فيزيد قبح الفعل (١) بمزيد شان من يرتكب القبيح بحضوره كما انه يزيد قبح الفعل ويزيد العقاب المترتب عليه بمزيد الحضار فلمّا كان شان الله سبحانه فوق ما يمكن ان يتصور فلا بد من كون العقاب المترتب على ارتكاب الحرام فوق الدرجات فقد بان انه لا اشكال فى اختلاف ركاكة المعاصى الشرعية والمعاصى العرفية بالاسرار والاظهار ويمكن ان يقال ان العقاب فى ترك الواجب انّما هو على خبث النفس او بواسطة كون الترك قبيحان بالعرض بواسطة كونه كاشفا عن خبث النفس حيث ان مزايا الحسن حسنة ومزايا القبيح قبيحة ويرشد اليه ان ابرام الناس فى وجوه زينة الدنيا من جهة كونها كاشفة عن الغنى المحبوب عندهم واستنكارهم عن ترك تلك الوجوه من جهة كونها كاشفة عن الفقر المستنكر عندهم ومن ذلك قبح التجرى على المعصية حيث ان قبحه بواسطة الكشف عن خبث النفس على ما حرّرناه فى محله بل مقتضى بعض الاخبار ان الخلود فى النار من جهة زيادة الخبث المقتضية لقصد دوام المعصية او بواسطة كون تفويت المصلحة قبيحا فى نفسه لكن نقول ان العقاب على خبث النفس لو لم يرجع
__________________
(١) ويزيد العقاب الذى يقتضيه فعل القبيح