على كون المدار فى الفرق بين الشك فى التكليف والشك فى المكلف به على الشكّ فى مورد الابتلاء قلت انه ليس مورد الابتلاء الا الواقعة المتشخصة التى لا بد فيها من العمل وموضوع الظنّ لا يكون محل الحاجة للعمل بل المحل المحتاج اليه للعمل انّما هو الظنّ المتشخص كيف لا وليس حال موضوع الظنّ الا مثل الغناء ولا شك ان الشّكّ فى الصّوت المخصوص من باب الشك فى التكليف بناء على كون المدار فى الفرق بين الشكّ فى التكليف والشك فى المكلف على الشكّ فى مورد الابتلاء وليس الامر من باب الشك فى المكلف به بل نقول انه لو كان التكليف فى مورد الابتلاء مشكوكا فيه فالحق جريان اصل البراءة ولو كان الشك من باب الشك فى المكلف به بل نقول ان الحق جريان اصل البراءة فى الشك فى المكلف به مطلقا كما حرّرناه فى محلّه بل كتبت رسالة فى جريان اصل البراءة فى باب الشك فى المكلف به من باب دوران التكليف بين ماهيّتين مختلفتين ويمكن ان يقال ان الحق فى وجوب الاحتياط فى المقام بناء على كون الامر من باب الشك فى المكلّف به ولو قلنا بحكومة اصل البراءة فى باب الشك فى المكلف به فى المسائل الفقهيّة المتعارفة اذ المفروض هنا ثبوت اطراد الوجوب فى حالة الجهل ولم يعهد فى المسائل الفقهية ما ثبت فيه اطراد التكليف حالة الجهل فالمقام من نادر باب الشك فى المكلف به وقد جرى العلامة الخوانسارى مع حكمه بحكومة اصل البراءة فى باب الشك فى المكلف به فى اكثر كلماته وان كان مقتضى بعض كلماته القول بوجوب الاحتياط (١) فى مثل ما نحن فيه حيث حكم بانه لو ورد نص او اجماع على وجوب شيء معين فى الواقع مردّد فى نظرنا بين امور ونعلم ان ذلك التكليف غير مشروط بالعلم بذلك الشيء يجب الحكم بوجوب تلك الاشياء المردودة فيها فى نظرنا ولا يكفى الاتيان بشيء واحد منها فى سقوط التكليف وحكم المحقّق ايضا مع حكمه بحكومة اصل البراءة فى باب الشك فى المكلف به بوجوب الاحتياط فى مثل ما نحن فيه حيث حكم بانه لو فرض حصول الاجماع او ورد النص على وجوب شيء معيّن عند الله سبحانه مردّد فى نظرنا بين امور من دون اشتراط بالعلم بذلك الشيء لتمّ وجوب الاحتياط لكن من اين هذا الفرض وانّى يمكن اثباته بل نقول ان الحق وجوب البناء على الاحتياط وان كان الشك من باب الشك فى التكليف لفرض ثبوت اطراد التكليف فى حال الجهل نظير ما ذكره المحقّق القمى فى باب وجوب الفحص عن الشرط فى الواجب المشروط حيث ان مرجع مقالته الى ان شمول التكليف لحال الجهل قبل الفحص مشكوك فيه ولو كان التكليف شاملا لحال الجهل قبل الفحص فلا بد من الفحص وما اورد عليه من ان الشكّ فى الشرط يوجب الشكّ فى المشروط فيتاتى الشّك فى ثبوت التكليف والاصل عدمه مردود بانه لو فرض اطراد التكليف حال الجهل قبل الفحص لا مجال للتمسّك بالاصل ولا يكون الشكّ دافعا للتكليف وانّما الدافع للتكليف الشك بعد الفحص فالدّافع لكلامه منع شمول التكليف لحال الجهل قبل الفحص لا مجرد دعوى انّ الشك فى الشرط يوجب الشك فى المشروط لكن نقول ان الامر فى المقام يدور بين الاقل والاكثر بخلاف مورد كلام العلّامة الخوانسارى والمحقق القمى ممّا حكما فيه بوجوب الاحتياط فان الامر فيه دائر بين المتباينين وبهذا يختلف الحال ويتاتى الفرق اذ فى المقام لما كان الاقلّ هو القدر المتيقن فيجرى الاصل فى الزائد وان ثبت اطراد الوجوب حال الجهل بخلاف المتباينين فانه لا يكون مجال لجريان الاصل فيه وايضا بما ذكر يختلف حال المقام مع الواجب المشروط لو شك فى تحقق الشرط قبل الفحص مع فرض اطراد الوجوب حال الجهل قبل الفحص اذ لا مجال للعمل فيه بالاصل بخلاف المقام فانه يجرى فيه الاصل فى الزائد على القدر المتيقن فى الوجوب قضيّة دوران الامر بين الاقل والاكثر إلّا ان يقال ان القدر المتيقن فى الوجوب هو الخبر المزكى جميع رجاله بتزكية عدلين فلا يثبت حجيّة الظنون الخاصة لكنّه مدفوع بعد عدم النفع فى تزكية العدلين إلّا ان يثبت عدالة العدلين بتزكية العدلين وهذا مستلزم للتسلسل بان الغرض عدم تماميّة الاستدلال المتقدم كالاستدلال على حجية الظنون الخاصّة ويكفى فى عدم تمامية الاستدلال
__________________
(١) على القول بوجوب الاحتياط