مورد الاجمال غالبا كما ياتى وامّا الايراد الثانى فهو يرجع الى وجهين ويتطرّق على كلّ منهما الايراد امّا الاوّل فهو ان المفهوم عدم وجوب التبين عن خبر الفاسق وهو لا يجدى فى عدم وجوب التبيّن عن خبر العادل ويرد عليه أمران احدهما انّ ما ذكره من لزوم وحدة الموضوع فى المنطوق والمفهوم (١) بان المنطوق يكون حكما من احكام شيء مذكور او حالا من احواله والمفهوم يكون حكما من احكام شيء غير مذكور حيث ان مقتضى التفرقة كون الموضوع فى المنطوق شيئا مذكورا وفى المفهوم شيئا غير مذكور يغاير الشيء المذكور فمقتضاه لزوم تعدّد الموضوع فى المنطوق والمفهوم اللهمّ الّا ان يقال ان المقصود بالموضوع هنا هو متعلّق النّفى والاثبات فموضوع المنطوق والمفهوم فى ان جاءك زيد فاكرمه هو مجيء زيد والمقصود بالشيء المذكور المتعلّق للحكم فى تعريف المنطوق هو المثبت اعنى مجيء زيد فى المثال المذكور وبالشيء الغير المذكور فى تعريف المفهوم هو المنفى عدم مجيء زيد وبعبارة اخرى مجموع النفى وما تعلق اليه النفى فلا منافاة نعم المدار فى المفهوم على رفع الحكم المذكور وبعد هذا اقول انّه قد حكم بلزوم وحدة الموضوع والمحمول فى المنطوق والمفهوم فى الشّرط والجزاء ومقصوده اما لزوم وحدة الموضوع فى المنطوق والمفهوم فى الشّرط ووحدة المحمول فى المنطوق والمفهوم فى الجزاء او لزوم وحدة الموضوع والمحمول فى المنطوق والمفهوم فى كل من الشّرط والجزاء فالمقصود وحدة المسند والمسند اليه فى المنطوق والمفهوم فى كلّ من الشّرط والجزاء مثلا لو قيل ان جاءك زيد فاكرمه فالموضوع فى كل من الشّرط والجزاء هو زيد والمحمول فى الشّرط هو المجيء والمحمول فى الجزاء هو الاكرام وعلى كل من التقديرين يرد عليه لزوم اختلاف الموضوع وكذا لزوم اختلاف الحكم كيف لا ولا بدّ فى المنطوق من كون موضوعه مذكورا ولا بدّ فى مفهوم المخالفة من كون موضوعة غير مذكور ولا بدّ فى مفهوم المخالفة من كون موضوعه غير مذكور والمدار فى مفهوم المخالفة على رفع الحكم المذكور فى المنطوق فلا بدّ من اختلاف الحكم فى المنطوق والمفهوم مع ان اتّحاد الموضوع والمحمول فى المنطوق والمفهوم يستلزم اتحاد المنطوق والمفهوم اللهمّ الّا ان يكون مقصوده على كلّ من التقديرين وحدة ذات الموضوع والمحمول مع قطع النّظر عن الإيجاب والسّلب فيندفع المحذور ثانيهما انه لا بدّ من اعتبار قيود الحكم الماخوذة فى المنطوق فى (٢) الحكم الا اضافة الحكم الى المقام وبعبارة اخرى المدار فى المفهوم على رفع الحكم المذكور مع قطع النّظر عن ارتباطه بالمقام عن الموضوع الغير المذكور وبعبارة ثالثة المدار فى المفهوم على رفع الحكم المتعلّق بالموضوع المذكور مع قطع النظر عن ارتباطه بالمقام واضافة الى المقام ففى آية النّبإ والحكم المنطوقى هو وجوب التبيّن عن الخبر لا التبيّن عن خبر الفاسق فمقتضى المفهوم عدم وجوب التبيّن عن خبر العادل ويصحّ الاستدلال بالمفهوم على حجيّة خبر العادل ولا يصحّ الايراد المذكور اعنى الايراد بان الحكم المنطوقى هو وجوب التبيّن عن خبر الفاسق فمقتضى المفهوم عدم وجوب التبيّن عن خبر الفاسق فى اخبار العادل وهو غير مربوط بالاستدلال والوجه انّه لو قيل ان جاءك زيد فاكرمه فمفهوم اللّقب بناء على ثبوته عدم وجوب اكرام عمرو على تقدير مجيئه لا عدم وجوب اكرام زيد على تقدير مجيء عمرو ولم يقل احد بكون مفهوم اللّقب هو الاخير كما ان مفهوم قوله عليه السّلم اذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء هو نجاسة الماء اذا لم يبلغ الماء قدر الكرّ ومن ذلك الاستدلال بمفهوم الحديث المذكور على نجاسة الماء القليل فمقتضى كلماتهم فى الاصول والفقه هو كون المدار فى المفهوم على عدم اعتبار الاضافة الى المقام لكن يمكن ان يقال ان الضّمير راجع فى الحديث المذكور فى المنطوق الى الماء لا الكرّ وهو يرجع فى المفهوم ايضا فاعتبار الاضافة الى المقام فى المفهوم لا ينافى كون المفهوم نجاسة الماء القليل ومع ذلك المتبادر فى امثال اليه ما ذكر من المثال هو رفع نفس الحكم المذكور مع قطع النّظر عن تعلّقه بالمقام وهذا ليس من باب المنطوق فهو من باب المفهوم لعدم توسّط الواسطة فى الحكم نعم الموضوع خارج عن المنطوق والمفهوم مذكورا كان او غير مذكور اذ جنس كلّ من المنطوق والمفهوم هو الحكم ومع ذلك مقتضى ما ذكر فى تعريف المفهوم كونه هو الحكم الغير المذكور وهذا يصدق على نفس الحكم المذكور مع قطع النّظر عن ارتباطه بالمقام ولم ياخذ فى تعريف المفهوم رفع الحكم المذكور حتّى يقال باعتبار اضافته الى المقام وبعد هذا اقول ان المدار فى المفهوم على رفع الحكم المذكور عن الموضوع الغير المذكور ولا ريب انّ الاضافة الى الموضوع او بعض اجزائه خارج عن الحكم مثلا لو قيل ان جاءك زيد فاكرمه فالحكم المذكور هو وجوب الاكرام لا وجوب
__________________
(١) كما تقدم فيما مر ينافى ما صنعه فى بحث المنطوق والمفهوم من التفرقة بين المنطوق والمفهوم
(٢) المفهوم