بالرجحان هنا ضعيفا بالنّسبة الى صورة العلم بالشهرة إلّا انه مدفوع بان مدار الظن بالرجحان على الظن بالحجيّة وفى كل من صورة العلم والظن بها يكون الحجيّة مظنونة والنتيجة تابعة لاخس المقدّمتين فالرّجحان لا يتجاوز عن الاعتقاد به فى صورة العلم بالشهرة عن الاعتقاد به فى صورة الظنّ بالشّهرة لمساواة الظنّ بالحجيّة فى الصّورتين ويرشد الى ما ذكرنا من ان الرّجحان مظنون فى صورة العلم بوجود المزية انّ فى تعارض الخبرين يكون الرجحان فى جميع موارد الرجحان ظنّيا على القول به كما هو المشهور وان كان الحق ان الرجحان لا يكون مظنونا فى رجحان الدلالة او السّند مع القطع بوجود المزيّة إلّا ان يدّعى ان الرجحان فى تعارض الاخبار ايضا قطعىّ ويرشد الى ذلك ايضا انه لو كان الشّهرة فى جانب الظنون الخاصّة مع عدم افادة الظنّ بالاعتبار فلا جدوى فى الشهرة مع وجودها وكونها زيادة فى جانب الظّنون الخاصّة وبالجملة فالرجحان فى جميع موارد التّرجيح بالاشتمال على ما يوجب التّعيين بالاختيار او الاقتصار فى باب منع الجمع او منع الخلوّ وفى الموارد العرفيّة يختلف اسباب الترجيح مثلا ربما يكون زيادة العلم موجبا عند شخص لتقديم شخص على شخص فهاهنا لا يجدى الزّيادة فى المال مع العلم بوجودها وربما يكون زيادة المال موجبا لتقديم شخص على شخص فهاهنا لا يجدى الزّيادة فى العلم ففى المقام اشتمال الظنون المخصوصة على ما يوجب الاقتصار وهو الحجيّة من حيث الخصوصيّة فى صورة قيام الشّهرة على حجية الظّنون الخاصّة وهى اقوى المرجحات لكونها مثبتة ونافية مقطوع به مع العلم بوجودها فى جانب الظّنون الخاصّة وعدم افادة القطع بالحجيّة كيف لا ولو كان الرجحان قطعيّا بناء على حجيّة الظنون الخاصّة فلا سبيل الى القول بحجية الظنّ المطلق ويكون حرمة العمل بما عدا الظّنون الخاصّة مقطوعا به ايضا فالذاب مبتنى على الاشتباه بين المزيّة والرّجحان وقد يذب بانه لا ريب فى بطلان التّرجيح بلا مرجّح فانه مما يحكم العقل به والعرف والعادة بل يقولون بامتناعه الذاتى كالتّرجيح بلا مرجّح والمراد بالتّرجيح بلا مرجّح هو سكون النفس الى احد الطّرفين والميل اليه من غير مرجّح وان لم يحكم بتعيينه وجوبا وامّا الحكم بذلك فهو امر آخر وراء ذلك مثلا لو دار امر العبد فى احكام السّلطان المرسلة اليه بين امور وكان بعضها مظنونا بظنّ لم يعلم حجيّته من طرف السّلطان صحّ له ترجيح المظنون ولا يجوز له الحكم بلزوم ذلك وكذا لو اقدم الواحد الى طعامين احدهما ألذّ من الآخر فاختاره عليه لم يرتكب ترجيحا بلا مرجح وان لم يلزم اكل الالذّ ولكن لو حكم بلزوم اكل الالذ لا بدّ من تحقّق دليل عليه ولا يكفى مجرّد الالذية نعم لو كان احدهما مضرا صح الحكم باللّزوم وبالجملة (١) بلا دليل غير الترجيح بلا مرجح فالمرجّح غير الدليل والاوّل فى مقابل الميل والعمل والثانى فى مقابل التّصديق والحكم وليس المراد بترجيح الظّنون المظنون الحجيّة انّه يجب العمل بالظّنون المظنون الحجيّة وانّها الّتى يجب العمل بها بعد انسداد باب العلم بل المراد انّه بعد ما وجب على المجتهد لانسداد باب العلم وبقاء التكليف العمل بالظنّ ولا يعلم المجتهد اى ظنّ عمل لو عمل بالظنون المظنون الحجيّة لا يلزم نقص عليه ودعوى لزوم الترجيح بلا مرجّح غلط ولو ادّعى غير ذلك فلا بدّ من بيانه حتّى ننظر فيه اقول ان تلخيص الوجه المذكور ان الحكم بالشيء لا بدّ فيه من دليل معتبر وامّا التّرجيح وهو اختيار الشيء والاخذ به والميل اليه ففيه يكفى مجرّد وجود المرجّح اعنى سبب التّرجيح ولا يلزم اعتبار المرجّح مثلا لو كان طعامان وكان احدهما ألذّ من الآخر فالألذية توجب الميل والتّرجيح وليس الالذية من باب الامر المعتبر كما لا يخفى لكن الالذية لا توجب الحكم بوجوب اختيار الالذ والمفروض فى المقام وجود المرجّح الّا انه غير معتبر لفرض كونه ظنّيا لكن لا باس به ويندفع بان المرجّح يطلق تارة على داعى اختيار الوجود اعنى الايجاد ومنه قولهم مرجّح الوجود واخرى على داعى اختيار احد الموجودين وعلى الثانى الامر اما من باب منع الجمع او من باب منع الخلوّ وسيأتى شرح حال التّرجيح اما على الاوّل فيكفى مجرّد وجود المرجّح وان كان غير معتبر ولا مشروع فى التّرجيح التكوينى اى مع قطع النّظر عن التسرّع لكن التّرجيح المشروع لا بد فيه من كون المرجّح جائزا ومعتبرا ومن هذا عدم جواز الافطار بشهادة الفاسق مثلا وكذا عدم جواز حكم الحاكم فى موارد القضاء باسباب غير معتبرة كيف لا ولا مداخلة لميل الطّبيعة فى تشريع شيء وتجويزه فى الشّريعة واما على الثانى فيكفى فى التّرجيح التكوينى خروجا عن التّرجيح بلا مرجّح مجرّد وجود المرجّح وان كان غير معتبر وان كان مرجع التّرجيح الى التعيين لكن التّرجيح الشّرعى اى التّعيين شرعا لا بدّ فيه من معين معتبر شرعا وان كان التّرجيح بالاختيار اذ الاختيار كما يمكن ان يكون بالقول كذا يمكن ان يكون بالاختيار اذ الاختيار قد يكون من باب عنوان التّخيير شرعا
__________________
(١) فالحكم