الاختيار ايضا فى مورد الجمع كما يقال لم اخترت زيدا على عمرو فى المجلس عند تقديم زيد على عمرو فى الجلوس وقد روى فى البحار فى باب مكارم سيّد السجّاد وزين العباد عليه آلاف التحيّة من رب العباد بالاسناد عن ابيعبد الله عليه السّلم قال قال على بن الحسين عليهما السّلم ما عرض لى قط امران احدهما للدنيا والآخر للآخرة فاثرت الدّنيا الا رايت ما اكره قبل ان امسى قوله عليه السّلم فاثرت الدّنيا يحتمل ان يكون الغرض منه اختيار امر الدّنيا وترك امر الاخرة ويحتمل ان يكون الغرض المسارعة الى امر الدّنيا وتاخير امر الاخرة والأوّل لظهر لكنه بعيد عن مثله عليهالسلام الا ان التّجربة تقضى بالاخير فضلا عن الاول وعلى اىّ حال ادلة وجوب الترجيح بالظن بعد تماميتها لا تنهض فى مورد منع الخلو كما فيما نحن فيه بصدده ومرجع الترجيح الى الظنّ الى تعيين الظنّ الحجة فى الظنون اختصار مثله والتّعيين فيحل الى قضيّة مبنية وقضيّة منفية والقضيّة المثبتة وان لا تحتاج الى الدليل لكفاية انعقاد الاتفاق على العمل بناء على عدم انعقاد الاتفاق على الحجية لكن القضية المنفية تحتاج الى الدليل كما يظهر ممّا سمعت ويمكن ان يقال ان المدار فى الترجيح فى تعارض الخبر تبيّنا على التعيين كيف لا والامر ذائر بين التعيين والتخيير ولو لا التّعيين يتاتى التخيير المنافى الترجيح والمفروض عدم اعتبار الظنّ فى جهة النفى المستفاد من التعيين وهى عمدة المقصود من التّعيين فى المقام فلا فرق بين مقامنا ومقام تعارض الخبرين الا ان الراجح فى تعارض الخبرين هو المتيقن فى الامتثال بخلاف المقام فان الراجح فيه هو المتيقن فى الوجوب لا الامتثال كيف لا وقد استدل على وجوب العمل بعموم الظنّ فى بعض طرق تعميم حجية الظنّ اى بعض تقريرات المقدّمة المعمّمة بقاعدة الاشتعال كما ياتى وبوجه اخر لا فرق بين مقامنا ومقام تعارض الخبرين فى لزوم اقامة الدليل العلمى على تعيين الراجح نعم الامر فى المقام دائر بين الجمع والتفريق وفى مقام تعارض الخبرين دائر بين قسمى التفريق اعنى التعيين والتخيير وكما انّ من يدّعى لزوم البناء على التفريق (١) بالتعيين من باب الرّجحان لا بدّ له من اقامة الدّليل العلمى عليه الا ان يقال ان الظنّ محقق لموضوع الرجحان والكافل لمؤنة التّعيين هو قاعدة الاشتغال فالمثبت للحكم هو قاعدة الاشتغال بخلاف الامر فى المقام فانه لا يكون مدركا معتبرا يثبت جهة النفى لكنه يندفع بانه يبتنى على قاعدة الاشتغال فى باب الشك فى المكلّف به وامّا بناء على حكومة اصل البراءة فالاصل يقتضى التخيير نظير ان المطلق بناء على اجماله وعدم انصرافه الى الفرد الشّايع فالامر من باب الشك فى المكلّف به والاصل يقتضى التخيير بناء على حكومة اصل البراءة فى باب الشك فى المكلّف به بل بنآء على حكومة قاعدة الاشتغال لا بتعيّن الاتيان بالفرد الشّائع اذ الفرد النادر هو المتيقن فى الارادة والمدار فى حكومة قاعدة الاشتغال على وجوب الاتيان بالقدر المتيقّن فى الامتثال والفرد الشّايع قد يكون ادنى شانا من الفرد النادر الا ان يقال ان القول بوجوب العمل بالراجح فى باب تعارض الخبرين لا يختصّ بارباب وجوب الاحتياط فى باب الشكّ فى المكلّف به بل يتاتى على القول بحكومة اصل البراءة او يقال ان لزوم الاخذ بالراجح من باب حكومة قاعدة الاشتغال مبتنى على دوران وجوب العمل بالخبرين بين التّعيين والتخيير واما لو كان دوران الامر بالاصالة بين حجية الخبرين معا وعن انه احدهما فقط فلا مجال لحكومة قاعدة الاشتغال لكن نقول ان كلّا من المقالتين مبنّى على عدم تماميّة الاستدلال على وجوب الاخذ بالرّاجح فى تعارض الخبرين من باب حكومة قاعدة الاشتغال فى باب الشكّ فى المكلّف به والكلام مبنّى على تمامية ادلّة القول بوجوب الاخذ بالراجح فى تعارض الخبرين وبعد ما مر اقول ان كفاية الظنّ بالترجيح فى تعارض الاخبار انما هى فى التّرجيح بعد ثبوت حجية كلّ من الخبرين والترجيح هنا فى مقام اثبات الحجيّة فاين احد الامرين من الاخر الا ان يقال ان ما ذكر انّما يتم على القول باعتبار الخبر من باب الظنّ النّوعى وامّا بناء على القول بالاعتبار من باب الظنّ الشخصى فيصير كل من الخبرين خارجا عن الحجيّة ولا يختلف الحال فيه مع الحال فى المقام بل الامر فيه اسوء اذ غاية الامر فى المقام فى الشك الحجيّة وبنآء على اعتبار الظنّ الشخصى فى اعتبار الخبر يثبت عدم حجية شئ من الخبرين فى (١) التعارض قضية قضآء انتفآء الشّرط بانتفآء المشروط الا ان يقال انّه بناء على اعتبار الظنّ الشخصى لا يكون الخبر الغير المفيد للظن محرم العمل كالقياس بل غاية الامر الشك فى جواز العمل اذ غاية الامر دعوى انصراف مفهوم اية النباء مثلا فى باب الخبر الصّحيح للظنّ وليس الانصراف مقتضيا بالمفهوم لحرمة العمل
__________________
(١) من باب الرجحان لا بدّ له من اقامة الدّليل العلمى عليه فكذا من يدعى لزوم البناء على التفريق