كان ارشاديا لا مولويّا ومن هذه الجهة لا اثر هنا القاعدة الملازمة على ما قرر في محل آخر ولا يخفى عليك انّه لو قلنا بوجوب العلم اعنى العلم بالأحكام نفسيا شرعيّا كما ذهب اليه بعض الأساطين لم نقل بتحصيل العلم بالإطاعة نفسيا شرعيا لاختلافهما في المناط والدليل كما لا يخفى فافهم ثم انّه ربّما يتحد المقدّمة العلميّة مع الواجب وجودا كما في الصّلاة الى اربع جهات والواجب المردّد بين الظّهر والعصر فياتي فيه ما تقدم في الأجزاء قوله : ولا بدّ من تقدّمها اه اقول وذلك بالتّقدم الطبيعى وامّا بحسب الزّمان فلا بدّ من المقارنة بينهما كما هو الشّأن في العلّة والمعلول
[في تصوير الشرط المتأخر :]
قوله : اشكل الأمر في المقدّمة المتاخّرة اقول هذا شروع منه في تصوير الشّرط المتاخّر عن مشروطه الّذي وقع الكلام فيه في طرفى الإفراط والتّفريط ولا يخفى عليك انّه من العلل العلّة الغائية وهى علّيتها انّما هى بلحاظ تصورها وامّا وجودها فهى من الفوائد المترتّبة على المعلول فيكون معلولا للمعلول لا علة له فيكون محل البحث والكلام هو العلّة المادى والصّوري والفاعلى المتوقّف تحقّق المعلول بتحقّقها ثم انّه لا يخفى انّه قد يقرّر النّزاع في الأمورات الواقعيّة الخارجيّة الّتى لها وجودات تاصليّة وبعبارات اخرى الموجودات الخارجيّة وتارة يحرّر النّزاع في الأمورات الواقعيّة الاعتباريّة الّتى تكون موجودا في الاعتبار وليس بحذائها شيء في الخارج وتارة في الأسباب والشّروط الشّرعيّة بمعنى انّ الشّارع جعلها اسبابا وشروطا لمعنى واقعى كالواقعيات وتارة في الشّروط الشّرعيّة المجعولة لنفس الوجوب كقوله ان جاءك زيد فاكرمه حيث ان المستفاد من الكلام بحسب المفهوم العرفي هو انّ شرط الوجوب والإيجاب هو تحقّق مجيئه فما لم يتحقّق لم يكن وجوب وايجاب فكما انّه يصح هذه العبارة والاشتراط الكذائى في صورة تقديم الشّرط فهل يصحّ ذلك في صورة تاخيره بان يقول ان جاءك زيد في الغد فاكرم عمروا في اليوم
وتوضيح البيان
فى ذلك بان يقال لا يعقل الأمر بالشّىء في زمان بشرط وجود امر متاخّر عن ذلك الزّمان بحيث يصير ذلك واجبا فعليّا قبل تحقّق شرطه مثل ما يصير واجبا فيما اذا تحقق شرطه وذلك لأنّ مفاد الأمر لو كان هو الإرادة والطّلب اللّبى الذي تعبّر عنه بالشّوق الأكيد لكان الشّرط شرطا لوجود هذا الشّوق الكذائي والإرادة الكذائيّة في قلب المتكلّم فاذا فرضنا دخل ذلك الشّيء في تحقّقه ووجوده فكيف يمكن ان يوجد فعلا قبل وجوده والّا لخرج الشّرط عن كونه شرطا او لزم امكان تحقّق المعلول قبل تحقّق علّته التّامّة وكلاهما واضح الفساد ولو كان الأمر هو القول الصّادر من المتكلّم الّذي يصير داعيا للمخاطب فينبعث الى العمل لعلمه بارادة المتكلّم فالقول المذكور لا يمكن صدوره ذاتا او لأجل القبح كاستحالة الأمر بغير المقدور ووجهه انّ المخاطب يفهم من قوله ان جاءك زيد في الغد اكرمه اليوم اشتراط الوجوب بمجيء زيد في الغد وفهمه منه ذلك بحسب معناه الوضعى العرفى واكرامه الفعلى