الغير العالى وقد تقدّم انّه على وجه المجاز والتّنزيل
قوله : وتقبيح الطّالب السّافل من العالى المستعلي عليه اقول قوله المستعلى عليه صفة للسّائل وهذا احتجاج للقائل بكفاية الاستعلاء فقط في كون صدق الأمر على الحقيقة وملخّصه ان العقلاء يذمّونه على امره العالى فلو اشترط العلو لما كان الأمر امرا ولما لزم توبيخه على الأمر فلا بدّ ان يتحقّق موضوع الأمر حتّى يصدق على نحو الحقيقة ليكون الذّم في موقعه
والجواب انّ ذمّه وتوبيخه انّما هو على استعلائه وتكبّره على تحقّق الأمر منه على نحو الحقيقة فلا ربط له بالمدّعي وقد يستدلّ هذا على اعتبار العلو في مفهوم الأمر ووجهه انّ صدق الأمر هنا انّما هو لتحقّق العلو الحاصل من جعل نفسه عاليا وعلى هذا ليس موردا لاحتجاج التوبيخ والذّم وان شئت تطبيقه عليه فقل انّ التّوبيخ والذّم انّما يكون باعتبار انتفاء الوضع يعنى انّ العقلاء يذمونه من جهة ذلك ووجه الاستدلال به كذلك في البدائع وفيه تأمّل واضح
[في معنى الأمر وحقيقته :]
قوله : الظّاهر ان الطلب الّذي يكون هو معنى الأمر ليس الخ اقول اعلم انّ القلب هو الّذى يسمّى بلسان طائفة بالنّفس النّاطقة جوهر متوسّط بين العالمين كانّه بداية احدهما ونهاية آخر ويتاثّر من العالم العلوي ويؤثّر في هذا العالم وله جهتان بالنّسبة الى العالمين او قوتان بالنّظر الى الجهتين جهة الى عالم الملكوت يكسب المطالب ويفاض عليه من المبدا وجهة الى عالم الملك يعمل بها ويؤثر بها في هذا العالم وهاتان القوتان تسمّى بالنظريّة والعمليّة امّا القوّة النظريّة فلها مراتب المرتبة الأولى يسمّى بالعقل الهيولائي والمرتبة الثّانية يسمّى عقلا بالملكة والمرتبة الثّالثة يسمّى بالعقل بالمستفاد والمرتبة الرابعة تسمّى بالعقل بالفعل وامّا قوته العمليّة فهى ناشية من قوّته النظريّة وبتقرير آخر انّه كالمرآة تجتاز؟؟؟ عليه الصّور فتنطبع فيه وحصول الآثار فيه امّا من الحواس الظّاهرة او الباطنة فهو في كلّ الأحوال محلّ للحوادث والآثار المتجدّدة فاذا حصل فيه شيء من جهة الحواس حصل فيه اثر وبسبب حصول الحوادث فيه يحصل له الانتقال عن حال الى حال والحال الّذي يثبت للنّفس بعد ثبوت الحوادث فيه هو الّذي كانت داعية للافعال الخارجيّة فحصل ان الدّاعى والإرادة هى الأحوال النّفسانية الّتى يحصل من حصول الحوادث في النفس فحصول الحوادث هو العلم والحال الّذى يحصل في النّفس ينبعث على الفعل تسمّى بالإرادة فيكون العلم من جنبته النظريّة والإرادة من جنبته العملية فيكون بهذا الاعتبار فعل من افعال القلب وينبعث منه النيّة والعزم والقصد وهى مرتبة ثانية من مراتب الجهة العمليّة وبهذا الاعتبار عرفها المحقّق في بيع بما تفعل في القلب وجعلها من افعال القلب ولا تنافي بينه وبين تعريفها بالكيفية الحاصلة في النفس القائمة بالذّات وان شئت تقول الإرادة كيفيّة في النّفس مبدئها العلم ومنتهاها العزم والقصد فهى العلم في اوّل مرتبتها والعزم والقصد في منتهى امرها فبعد العزم والنّية تتحرّك العضلات وتتحرّك العضو فيصدر الفعل هذا معنى الإرادة وان ابيت الّا ان قلت ان الإرادة هى الشّوق الأكيد الحاصل بعد تحقّق المبادي من التصوّر والتصديق والعزم والجزم فلست اخالفك اذ الغرض هنا امر آخر ثمّ اعلم انّ الكلام والألفاظ الواردة المفيدة للمخاطب قد يكون بحيث معانيه ومدلولاته حاكية عن امر ثابت في الواقع