وتعالى في شيئين : أحدهما انتفاء النهاية عنه ، والآخر أن العلوم ليست في
حقه بالقوة والإمكان الذي ينتظر خروجه بالوجود ، بل هو بالوجود والحضور ، فكل ممكن
في حقه من الكمال فهو حاضر موجود.
ثم هذه العلوم
ما عددناها وما لم نعدها ليست أوائلها خارجة عن القرآن ، فإن جميعها مغترفة من بحر
واحد من بحار معرفة الله تعالى ، وهو بحر الأفعال ، وقد ذكرنا أنه بحر لا ساحل له
، وأن البحر لو كان مدادا لكلماته لنفد البحر قبل أن تنفد. فمن أفعال الله تعالى
وهو بحر الأفعال مثلا الشفاء والمرض ، كما قال الله تعالى حكاية عن إبراهيم عليهالسلام : (وَإِذا مَرِضْتُ
فَهُوَ يَشْفِينِ). وهذا الفعل الواحد لا يعرفه إلا من عرف الطبّ بكماله ،
إذ لا معنى للطب إلا معرفة المرض بكماله وعلاماته ، ومعرفة الشفاء وأسبابه ، ومن
أفعاله تبارك وتعالى تقدير معرفة الشمس والقمر ومنازلهما بحسبان ، وقد قال الله
تعالى : (الشَّمْسُ
وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) ؛ وقال : (وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ
لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) ؛ وقال : (وَخَسَفَ الْقَمَرُ
وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) ؛ وقال : (يُولِجُ اللَّيْلَ
فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) ؛ وقال : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي
لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ).
__________________