فى التصرف باستعمال اللفظ فيما يناسب معناه الحقيقي فانه اذا فرض عدم سلوك أهل اللسان لسبيل المجاز كان من يسلكه من التابعين لهم مخالفا لهم فى طريق المحاورة وكان كلامه المتجوز فيه غير عربي ولا نقصد بلزوم الترخيص الا كون طريقة الكلام الذي يرتجله المتكلم التابع لأهل تلك اللغة مأثورة عنهم إلا أن الذي يهون الخطب هو أن الاستقراء قد اثبت الترخيص المزبور وان سبيل التجوز في كلام العرب واضح مأثور فلم يبق للنزاع المذكور نتيجة سوى البحث النظري وهو لا يستحق التطويل في الكلام بالنقض والابرام.
(انحاء استعمال اللفظ فى اللفظ)
«الامر السادس» هل يكون اطلاق اللفظ وارادة نوعه أو صنفه أو مثله أو شخصه من قبيل استعمال اللفظ في معنى ما أو لا يكون من هذا القبيل بل يكون نحوا آخرا من انحاء المحاورات التي تحصل بها الافادة والاستفادة «قد يقال بالاول» وتقريبه في غير اطلاق اللفظ وارادة شخصه هو أن استعمال اللفظ في المقام على نحو استعماله فى سائر المعاني غاية الامر ان المصحح للاستعمال فى سائر المعاني هو الوضع أو المناسبة بين المعنى الموضوع له والمعني المستعمل فيه كما في المجازات المتعارفة واما فى المقام فالمصحح للاستعمال هي المناسبة بين نفس اللفظ المستعمل والمعنى المستعمل فيه وهذه المناسبة أقوى تأثيرا في صحة استعمال اللفظ في غير ما وضع له وفي دلالته عليه «واما تقريب» الاستعمال في اطلاق اللفظ وارادة شخصه فهو أن اللفظ الموجود في الخارج وان كان بشخصه موضوعا وبشخصه ايضا حاكيا كما هو الفرض فالحاكي والمحكي عنه شيء واحد حقيقة إلا أنه يمكن تحصيل المغايرة بينهما بالاعتبار والمغايرة الاعتبارية تكفي في تحقق الحكاية فاللفظ باعتبار صدوره من المتكلم يجعله حاكيا وباعتبار ذاته الشخصية يكون محكيا عنه «ولا يخفى» ما في كلا التقريبين من الضعف اما التقريب الثاني فلما عرفت من أن الاستعمال ليس من سنخ دلالة سائر الدوال كوضع العلم على رأس الفرسخ بل هو من سنخ فناء الوجه فى ذي الوجه والعنوان في المعنون وحينئذ يكون اللفظ المستعمل ملحوظا باللحاظ الآلي والمستعمل فيه ملحوظا باللحاظ الاستقلالي واذا كان اطلاق اللفظ وارادة شخصه