وباعتبار ان اقترانها بتلك الخصوصيات المميزة لها يوجب تعينها عند المخاطب صح ان يدعى انها من المعارف إذ حقيقة المعرفة في المعاني هو تعين المعنى عند المخاطب (الثاني) أن معاني اسماء الاجناس سواء كانت جواهر ام اعراضا عبارة عن صور خاصة تنتزع عن حدود موجودات خارجية متعينة فى نفسها ممتازة بذواتها فاذا اطلقت على شيء من افرادها واستعملت فيه فانما يستعمل اللفظ فى مفهومه الخاص به اعني به ذلك المعنى العام ولوجود حصة منه فى ذلك الفرد يفنى المتكلم ذلك المفهوم العام فى ذلك الفرد الخاص مع نصبه القرينة على ذلك التطبيق والاستعمال بحيث يشعر السامع ان اللفظ قد دل على معنى والقرينة قد دلت على معنى آخر كما لو قلت رأيت رجلا فى داركم (وهذا) بخلاف المبهمات فانها لابهام معانيها من جميع الخصوصيات إلا الخصوصية التي باقترانها بها انكشف شيء من ابهامها صارت فانية فى تلك الخصوصية بحيث لا يشعر تفصيلا سامع تلك الالفاظ إلا بذي الخصوصية فاذا قلت هذا الرجل خير من اخيه لا يتصور السامع الا الرجل المشار اليه لا انه يتصور اولا معنى مبهما تميزه خصوصية الاشارة وانما استعمل فى الرجل المشار اليه لكونه مصداقا من مصاديقه (ولشدة) فناء هذا المعنى المبهم العام فى مصداقه التيس الأمر على بعضهم حتى ذهب فى وضع المبهمات الى عموم الوضع وخصوص الموضوع له (ويحتمل) لاجل فناء هذا المفهوم المبهم العام فى مطابقه بحيث لا يشعر السامع تفصيلا إلا بمطابقة الخاص ذهب أهل العربية الى كون المبهمات من المعارف
(الجهة الثانية) قد اتضح مما ذكرنا ان المبهمات على المسلك المختار فى معانيها من كونها موضوعة لمعان مبهمة مقترنة ببعض الخصوصيات بنحو يكون كل من القيد والتقيد خارجا عن الموضوع له لا محالة يكون الموضوع له عاما كالوضع فيها وهو فى الجملة لا اشكال فيه «إنما الاشكال» فى كون وضعها كذلك هل هو بنحو وضع اسماء الأجناس اعني به النحو المشهور من الوضع العام أو هو بنحو وضع الحروف على المختار اعني به ملاحظة الامر العام الساري فى الخصوصيات المندمجة فيه بحيث لا يمكن تصوره معرى عنها كما فى تصور معاني اسماء الأجناس التي لا شبهة فى امكان تصورها معراة عن الخصوصيات التي لا تنفك عنها فى حال وجودها «قد يتوهم» امكان وضعها بالنحو المشهور وموجب هذا التوهم هو ما اشرنا اليه