(ثم ان) الهيئة قد تطرأ على القول المركب تركيبا ناقصا كالهيئة الطارية على الصفة والموصوف من زيد العالم وعلى المضاف والمضاف اليه كغلام زيد وعلى القول المركب تركيبا تاما كالجمل الخبرية والانشائية.
والفرق بين الهيئة الطارية على المركب الناقص والهيئة الطارية على المركب التام يكون من وجوه (الاول) أن الهيئة الاولى تحكي عن النسبة الثابتة التي تعتبر قيدا مقوما الموضوع أو المحمول كما لو قلت غلام زيد قائم أو زيد غلام عمرو أو زيد العالم فى الدار أو هذا زيد العالم والهيئة الثانية تحكي عن ايقاع النسبة نحو زيد قائم وعبدي حرفى مقام انشاء العتق والانسان يرى بالوجدان أن المتكلم يرى الموضوع عاريا عن النسبة التي يريد اثباتها إخبارا أو انشاء وهو بالحمل أو بالانشاء يوقعها بين الموضوع والمحمول بخلاف النحو الاول فان المتكلم يرى النسبة فيه ثابتة للموضوع أو المحمول فيعتبرها جزء من الموضوع أو المحمول وبهذه العناية يكون مفاد التركيب الاول فى طول مفاد التركيب الثاني ومتأخرا عنه تأخر الوقوع عن الايقاع ولهذا تسمعهم يقولون : (إن الاوصاف قبل العلم بها أخبار والأخبار بعد العلم بها اوصاف) (ثم أن) التركيب التام قد يكون جملة اسمية وقد يكون جملة فعلية وهيئات الافعال تدل على نسب مختلفة لاختلاف خصوصيتها مثلا هيئة الماضي تدل على نسبة الحدث الى الفاعل على نحو التحقق وهيئة المضارع تدل على نسبة الحدث الى الفاعل على نحو التوقع والترقب وهيئة الأمر تدل على نسبة الحدث الى الفاعل على نحو الايقاع والاصدار وتفصيل خصوصيات هذا المبحث سيأتي إن شاء الله تعالى في مباحث المشتق فانتظر (وانما ذكرنا) هذه النبذة مقدمة للتنبيه على نكتة وهي أن الأفعال على اختلاف نسبها تدل على أن الحدث الذي اشتملت عليه هيئاتها هو من آثار الفاعل وصوادره المترشحة من ذاته بحسب ظاهر لفظها وإن لم يكن لذلك مطابق بحسب الخارج كما في مثل امتنع ويمتنع واستحال ويستحيل ولعل الحديث الشريف اشار الى نحو هذه الدلالة في الافعال بقوله صلوات الله وسلامه عليه : (والفعل ما انبأ عن حركة المسمى) لا الى ما قيل من أن المراد من حركة المسمى فى هذا الحديث هي حركة الحدث من العدم الى الوجود لأن بعض الافعال لا مطابق لحدث مادتها في الخارج ليتصور