مولاه اذا كلفه بعمل فعمله له فبالطريق الاولى أن لا يستحق المكلف ذلك على مولى المولى تعالى في الاعمال التي كلفه بها (وان كان) المراد به معنى اللياقة والاستعداد للثواب والنعيم في الدار الآخرة ليكون معنى ان العبد المطيع يستحق الثواب هو انه لائق وأهل لذلك فالحق مع مدعي ذلك لان العبد بطاعته يستعد لدخول دار النعيم وجوار ربه الكريم بخلاف العاصي (ولا يتوهم) ان هذا المعنى هو نفس القول بالتفضل (لوضوح) ان العاصي وان كان مستعدا للتفضل عليه بالعفو والغفران والخلود فى الجنان ولكن لم يكن مستعدا وأهلا لنفس الثواب وإلّا لم يبق فرق بين المطيع والعاصي وذلك باطل بالضرورة واما التوبة فهي وان كانت من الواجبات على العبد العاصي إلا انه يحتمل قريبا ان المعصية لا توجب استحقاق العاصي للعقاب إلا اذا تجردت عن التوبة واما المعصية التي تتعقبها التوبة فلا توجب استحقاق العقاب وعليه لا يكون العفو او سقوط استحقاق العقاب عن التائب بالتفضل اذ لا استحقاق للعاصي التائب ليسقط بالتفضل بل التوبة تكشف عن عدم استحقاق العاصي بمعصيته قبل التوبة للعقاب.
(اذا عرفت ذلك) فاعلم انه قد وقع الخلاف بعد الاتفاق على تحقق الثواب بامتثال الواجبات النفسية فى ترتب الثواب على امتثال الواجبات الغيرية على ثلاثة اقوال (ثالثها) التفصيل بين ان يكون الواجب الغيري اصليا اي انه مدلول لخطاب مستقل كالطهارة من الحدث وبين أن يكون تبعيا اي انه غير مدلول لخطاب مستقل (والتحقيق) ان امتثال الواجبات الغيرية لا يستتبع ثوابا بما هو امتثال للواجب الغيري والوجه فى ذلك هو ان الثواب والعقاب الذين ينشئان من موافقة التكليف ومخالفته إنما جعلا على ذلك تحصيلا للغرض النفسي الداعي للمولى الى التكليف بالواجب النفسي ولا شبهة فى أن الواجب الغيري لا غرض نفسي فيه ليترتب على موافقته ثواب وعلى مخالفته عقاب (نعم يمكن) تصوير ترتب الثواب على موافقة الواجب الغيري بوجهين (الاول) ان من يأتي بالمقدمة بقصد التوصل الى ذيها يراه العقلاء متلبسا بامتثال الواجب النفسي ومستحقا للمدح والثواب فى ذلك الحين وان لم يكن مشتغلا بنفس الواجب النفسي كما انه لو لم يات بشيء من مقدماته فى الوقت الذي يلزم الامتثال فيه يرونه متلبسا بعصيانه ومستحقا