لصيرورته بذلك الاستعمال مرآتين حاكيتين عن معنيين وحينئذ يجتمع اللحاظان في واحد شخصي نعم لو كان باب وضع اللفظ هو باب وضع العلامة لما كان من استعمال اللفظ في اكثر من معنى مانع عقلا لان جعل شيء علامة على امر ما هو جعل الملازمة بينهما بناء فكما ان الملازمة الطبيعية بين شيء وامور اخرى متعددة لا توجب عند الاستدلال به على لوازمه اجتماع لحاظات متعددة فيه بعدد لوازمه كذلك جعل الملازمة بين شيء وعدة امور لا يوجب الاستدلال به عليها اجتماع لحاظات متعددة فيه بعدد لوازمه المجعولة
(وقد يستدل) على الامتناع بوجوه كلها مخدوشة (احدها) انه لا شبهة في ان صدور اللحاظين او اللحاظات المتعددة من النفس فى آن واحد محال واستعمال اللفظ فى اكثر من معنى يستلزم ذلك كما هو مفروض النزاع فيكون محالا كالملزوم ولا فرق فى هذا اللازم الباطل بين كون الوضع من قبيل جعل الشيء علامة او من قبيل جعله مرآة وحاكيا عن المعنى لأن المتكلم حينما يريد الدلالة على المعنيين اللذين جعل اللفظ علامة عليهما لا بد ان يتصورهما كما يتصورهما حينما يريد الحكاية عنهما باللفظ (وفيه) انه لا استحالة فى تصور النفس امورا متعددة بتصورات متعددة فى ان واحد لأن النفس جوهر بسيط يقبل اجتماع الامثال والاضداد في آن واحد ألا ترى انها في حال حبها شيئا تكره آخر وفي حال ارادتها لعمل تريد عملا فتفعلهما معا فى آن واحد فهي فى حال تحريكها اللسان بالكلام تحرك البنان بالاقلام وكل منهما عمل اختياري قد صدر عن ارادة خاصة به وفوق هذا وضوحا انها تحكم بامر على امر في ان واحد ولا شبهة فى ان الحكم يستدعي تصور الموضوع والمحمول والنسبة في آن واحد وإلّا امتنع صدور الحكم من النفس (ثانيها) ان اللفظ بالوضع يكون مقتضيا لتصور السامع معناه وبالعلم بالوضع وسماعه يكون علة تامة لتصور معناه فاذا استعمل اللفظ المشترك فى اكثر من معنى لزم ان يكون الواحد الشخصي علة لأكثر من واحد وهو محال (وفيه) ان اللفظ وان صار بالوضع مقتضيا لحضور معناه فى ذهن السامع إلّا انه لا يكون علة تامة فيما اذا كان مشتركا الا مع القرينة ومعها يخرج عن كونه واحدا ليلزم صدور الكثير عن الواحد ولا فرق فيما ذكر من الدليل وجوابه بين كون الوضع من قبيل جعل اللفظ علامة وبين كونه من قبيل جعله مرآة