صحيح الحديث من ضعيفه وإن اشتمل على القدح في المسلم المستور ، ولكن يجب التثبّت فقد أخطأ فيه كثير(١) ، وإنّ هذا الأمر بالغ الأهمّية في بحث الرجال ، بل هو وتد الاستنباط الرجالي ، إذ المتتبّع للمفردة الرجالية لا يمكنه أن يقف على واقع حالها إلاّ عبر ألفاظ الجرح والتعديل التي ذكرها متقدّم وهذا الفنّ ، وإلاّ اشتبه عليه الأمر فيحسب ما هو تعديل جرحاً وبالعكس ، فلابدّ من التدقيق في معاني الألفاظ المصطلحة عند الرجاليّين كي يصل الباحث إلى الرواية الواضحة الصحيحة عن المفردة الرجالية(٢) ، فضلاعمّا تقدّم فإنّ أهمّية البحث في هذه الألفاظ تكمن في أنّ شهادة العدل الواحد هي إحدى الطرق لمعرفة حال الراوي من حيث العدالة وغيرهاممّا يفيد في تقويم الرواية قبولاً وردّاً(٣).
وسوف نأتي على قسم من هذه الألفاظ المعدّلة والجارحة ـ فضلا عن بعض التوثيقات الخاصّة والعامّة ـ التي هي غير محصورة بلفظ معيّن لما لهامن علاقة ببعض الضوابط الرجالية ، ومنها العروج على تقسيمات الرجاليّين القدامى والمتأخّرين ومشروعيّتها.
__________________
(١) وصول الأخيار إلى أصول الأخبار : ١٦١. وشدّد بعض العلماء على أهمّية التأنّي في الجرح واتّباع الطرق السليمة ، إذ قال الشافعي : «ولا نقبل الجرح من الجارح إلاّ بتفسيرما يجرح به الجارح المجروح ، فإنّ الناس قد يجرحون بالاختلاف والأهواء ويكفّر بعضهم خطأً ويضلّل بعضهم بعضاً ويجرحون بالتأويل ، فلا يقبل الجرح إلاّ بنصّ ما يرى هو مثله سواء أكان الجارح فقيهاً أو غير فقيه لما وصفت من التأويل» ، ينظر : الأم٧/٥٣.
(٢) بحوث في مباني علم الرجال : ٣١١.
(٣) دروس في علم الدراية : ١٢٧.