قاعدة
ألفاظ يظن بها الترادف وليست منه
من ذلك الخوف والخشية ؛ لا يكاد اللغوى يفرّق بينهما ، ولا شكّ أنّ الخشية أعلى منه ، وهى أشدّ الخوف ، فإنها مأخوذة من قولهم : شجرة خشية ؛ أى يابسة ، وهو فوات بالكلية. والخوف من قولهم ناقة خوفاء ؛ أى بها داء وهو نقص ، وليست بفوات ؛ ولذلك خصت الخشية بالله فى قوله : ((١) يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ).
وفرق بينهما أيضا بأنّ الخشية تكون من عظم المختشى ، وإن كان الخاشى قويّا ، والخوف يكون من ضعف الخائف وإن كان المخوف أمرا يسيرا. ويدلّ لذلك أنّ الخاء والشين والياء فى تقاليبها تدلّ على العظمة ، نحو : شيخ للسيد الكبير. وخيش لما غلظ من اللباس ، ولذا وردت الخشية غالبا فى حقّ الله ؛ ((٢) مِنْ خَشْيَةِ اللهِ). ((٣) إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ). وأما ((٤) يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ) ـ ففيه نكتة لطيفة ، لأنه وصف الملائكة ، ولما ذكر قوتهم وشدة خلقهم عبّر عنهم بالخوف لبيان أنهم وإن كانوا غلاظا شدادا فهم بين يديه تعالى ضعفاء ؛ ثم أردفه بالفوقية الدالة على العظمة ، فجمع بين الأمرين. ولما كان ضعف البشر معلوما لم يحتج إلى التنبيه عليه.
ومن ذلك الشح والبخل. والشحّ هو أشدّ البخل. قال الراغب : الشح : بخل مع حرص. وفرّق العسكرىّ بين البخل والضّنّ بأن الضن أصله أن يكون بالعوارى ، والبخل بالهبات ، ولهذا يقال : هو ضنين بعلمه ، ولا يقال بخيل ؛
__________________
(١) الرعد : ٢١
(٢) البقرة : ٧٤
(٣) فاطر : ٢٨
(٤) النحل : ٥٠