نحو قولهم : تفقأت شحما ، وتصببت عرقا.
فإن قلت : قد ذكر الرحمة والعلم فوجب أن يكون ما بعد الفاء مشتملا على حديثهما جميعا ، وما ذكر إلا الغفران وحده؟
والجواب : فاغفر للذين علمت منهم التوبة ، واتباع سبيلك.
فإن قلت : ما الفائدة فى استغفارهم لهم وهم تائبون صالحون موعودون بالمغفرة ، والله لا يخلف الميعاد؟
قلت : هذا بمنزلة الشفاعة ، وفائدته زيادة الكرامة والثواب.
فإن قلت : هل قيدت هذه الآية الآية المطلقة فى حم عسق ، وهى قوله : ((١) وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) ، لأنه معلوم أنّ الملائكة صلوات الله وسلامه عليهم لا يستغفرون لكافر؟
والجواب : يحتمل أن يكون استغفارهم لهم بمعنى طلب هدايتهم والمغفرة لهم بعد ذلك ، كما استغفر إبراهيم عليهالسلام لأبيه ، واستغفار نبينا للمنافقين ، ولما تقدم هذه الآية : ((٢) غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ) ناسب استغفار الملائكة للمؤمنين منهم ، يشهد لهذا قوله بعده : ((٣) فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا) ، ولما تقدم آية الشورى : ((٤) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ) ناسب استغفار الملائكة لمن فى الأرض لإبقاء الستر ؛ إذ لا يفوتونه. وقد يؤمن من سبقت له السعادة منهم.
((٥) يُرِيكُمْ آياتِهِ) : هذا عموم بعد ما قدم من الآيات المخصوصة ،
__________________
(١) الشورى : ٥
(٢) غافر : ٣
(٣) غافر : ٧
(٤) الشورى : ٥
(٥) غافر : ١٣