وأما غير المحدودين فاتّفق على وجوب إيعاب الوجه ، وحدّه طولا من أوّل منابت الشعر إلى آخر الذقن واللحية ، وحدّه عرضا من الأذن إلى الأذن. وقيل من العذار إلى العذار.
وأما الرأس فمذهب مالك وجوب إيعابه كالوجه. ومذهب كثير من العلماء جواز الاقتصار على بعضه ؛ لما روى فى الحديث أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم مسح على ناصيته ؛ ولكنهم اختلفوا فى القدر الذى يجزئ على أقوال كثيرة.
وسرّ الأمر فى غسل هذه الأعضاء فى الوضوء أن الله أكرم هذه الأمة فى الجنة بالخواتم والخلاخل والأسورة والتّيجان والنظر إلى الله ؛ فأمرهم بغسل هذه الأعضاء ، ليطهرهم من الذنوب الواقعة منها ، فيلقوه ولا ذنب عليهم ؛ ولذلك قال صلىاللهعليهوسلم : إنى لأعرف أمتى يوم القيامة ؛ لأنهم غرّ محجّلون من آثار الوضوء ؛ فلا يحافظ عليه إلا مؤمن ؛ لأنّ مفتاح الجنّة لا إله إلا الله ، ومفتاح الصلاة الوضوء : قال الله تعالى (١) : (وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ، وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ).
فانظر كيف سوّاهم مع رسول الله ، لقوله (٢) : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ). ((٣) وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ).
فإن قلت : لم منع المتيمم من مسح رأسه؟
والجواب أنّ وضع التراب على الرأس علامة الفراق من الحبيب ؛ والله تعالى لا يحب فراقهم ، فلم يجعل لهم ما يتفاءلون به على الفراق.
__________________
(١) المائدة : ٦
(٢) الأحزاب : ٣٣
(٣) يوسف : ٦