((١) يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) ؛ أى يلبسه فيصير له كالغشاء ، فيصير أسود مظلما ، كما كان أبيض مشرقا.
والأول فاعل فى المعنى ، وهو على إضمار فعل ؛ أى ويغشى النهار الليل. ويحتمل أن يراد فى الآية الزمان الذى بين الفجر وطلوع الشمس على القول بأنه من النهار ؛ فهو إشارة إلى أن الليل يخالط النهار فى ذلك الزمان ، ولذلك اختلفوا هل من الليل أو من النهار أو قسم ثالث قائم بنفسه؟ فقيل الكلام فى ذلك الزمان باعتبار الشرع ، وفى الآية باعتبار اللغة.
((٢) يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ، وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ) : قد قدمنا تسبيح الرعد وأنه يسبح الرعد من خيفته بحمده ، والملائكة بحمده من خيفته ، والصواعق النازلة من السماء عذابا لله شعلة يصيب بها من يشاء من عباده وخلقه.
((٣) يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً) : نسب الرؤية للبرق والإنشاء للسحاب ، لأن الأشياء المرئية أسهلها على البصر السواد والخضرة ، وأصعبها البياض الساطع ، فنحن نعجز عن مداومة [٣٠٣ ا] النظر إليه. وانظر قوله : ((٤) يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ). وأما السحاب فجرم يقبل حدّا ، فالنعمة التى فيه هى إبرازه من العدم إلى الوجود. وخوفا وطمعا حالان ، ويحتمل أن يكونا مفعولا من أجلهما ؛ إذ ليسا عنده فعلين لفاعل الفعل المعلّل فى إن الله لم يخلق الشر ولا أراده ، ونحن نجيز ذلك ، ونقول : أراده
__________________
(١) الرعد : ٣
(٢) الرعد : ١٣
(٣) الرعد : ١٢
(٤) النور : ٤٣