(لازِبٍ)(١) ولازم : بمعنى واحد ، وهو الممتزج المتماسك الذى يلزم بعضه بعضا ، وأمر الله بهذه الآية سؤال المشركين عن خلق الله الملائكة والسموات والأرض والمشارق والكواكب : (أَهُمْ (٢) أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا) ، ومن لازم جوابهم بأنهم أشدّ خلقا منهم تقوم عليهم به الحجة فى إنكارهم البعث فى الآخرة ، كأنه سبحانه يقول : هذه المخلوقات أشدّ خلقا منكم ، فكما قدرنا على خلقتكم كذلك نقدر على إعادتكم بعد فنائكم ؛ لأنكم أضعف خلقه ، وكيف لا وأنتم من طين لازب!
(لا (٣) هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) : عن هنا سببية ؛ كقوله : فعلته عن أمرك. والنزف : السكر ، يعنى أنّ شارب خمر الآخرة لا يسكر منها ، لأنها حلوة طيبة ، بخلاف خمر الدنيا.
والعجب ممّن يكون فى عقله ويذهبه بشربها ، وأقل ما فيه من الوعيد الحديث : من شرب الخمر فى الدنيا لم يشربها فى الآخرة.
فإن قلت : هل هذا الوعيد يتناول من تاب من شربها أم لا؟
والجواب : أنّ هذا فيمن لم ينب ، وأما التائب فيبدّل الله سيئاته حسنات ، كما قدمنا فى غير ما موضع.
(لا تَسْمَعُ (٤) فِيها لاغِيَةً) : هو من لغو الكلام ، ومعناه الفحش وما يكره ، فيحتمل أن يريد كلمة لا غية ، أو جماعة لاغية.
__________________
(١) الصافات : ١١
(٢) الصافات : ١١
(٣) الصافات : ٤٧
(٤) الغاشية : ١١