فلهم الثلث بالسواء بين الذكر والأنثى ؛ لأن قوله : (شُرَكاءُ) يقتضى النسوية بينهم ؛ ولا خلاف فى ذلك.
ولما وقع النزاع بين فقيهين فى أقل الجمع ، هل هو اثنان أو ثلاثة؟ رأى أحدهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاشتكى إليه ، فقال صلىاللهعليهوسلم : كلّ منكم مصيب ؛ فإن أقلّ جمع التثنية اثنان. وأقل جمع الأفراد ثلاثة. فانظر كيف أرضاهما صلىاللهعليهوسلم بقوله.
(فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ)(١) ؛ إنما جعل شهداء الزنى أربعة تغليظا على المدّعى ، وسترا على عباده ؛ ولذا قال صلىاللهعليهوسلم : هلّا سترته بردائك. وفى حديث آخر : من ابتلى بشيء من هذه القاذورات فليستتر عنّا بستر الله ، ومن أبدى لنا صفحة وجهه أقمنا عليه الحدّ. وقيل : ليكون شاهدان على كل واحد من الزانيين.
(فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ)(٢) : كانت عقوبة الزنى الإمساك فى البيوت ، ثم نسخ ذلك بالإيذاء المذكور والتوبيخ. وقيل إن الإمساك فى البيوت للنساء والإيذاء للرجال ، فلا نسخ بينهما. ورجّحه ابن عطية والزمخشرى وابن الفرس بقوله فى الإمساك : من نسائكم ، وفى الإيذاء : منكم ، ثم نسخ الإمساك والإيذاء بالرّجم للمحصن ، وبالجلد لغير المحصن. واستقر الأمر على ذلك ؛ فأما الجلد فمذكور فى سورة النور ، وأما الرجم فقد كان فى القرآن ثم نسخ لفظه ، وبقى حكمه. وقد رجم صلىاللهعليهوسلم ماعزا الأسلمى وغيره.
(فَأَعْرِضُوا عَنْهُما)(٣) : لما أمر بالإيذاء للزانى أمر بالإعراض عنه إذا تاب ،
__________________
(١) النساء : ١٥
(٢) النساء : ١٥
(٣) النساء : ١٦