(وَغَرَّتْكُمُ (١) الْأَمانِيُّ) : الإشارة إلى الكفار والمنافقين ، وذلك أنهم كانوا يتمنّون وفاة النبى صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، أو هزيمتهم ، إلى غير ذلك من الأمانىّ الكاذبة.
(وَلا (٢) يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ ...) الآية : معطوفة على ((٣) أَنْ تَخْشَعَ). ويحتمل أن يكون نهيا. والمراد بها تحذير المؤمنين من أن يكونوا كالمتقدمين من اليهود والنصارى فى طول أملهم وقسوة قلوبهم. وقد وقعنا فيما حذّرنا منه ، فلا يخفاك ذلك ، وإن طول الأمل يقسّى القلب ، ويبعد عن الآخرة ، ويكثر الحرص ، ويقلّ القناعة ، وهذه موجودة فينا ظاهرا وباطنا. قال صلىاللهعليهوسلم : " لتتبعنّ سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضبّ لا تبعتموهم". وهل هذا كلّه إلا من خلطتهم والتقرب منهم ، لأن المرء على دين خليله. وانظر حكاية المحمدى فى زمان معاوية لما أن ألقت الريح مركبهم فى جزيرة من جزائر ... (٤) نزلوا فى البر ، فأتى ملكهم وعليه كساء ملبّد ورجلاه حافيتان (٥) عارى الرأس ، فنزل معهم ، وقال : مالكم أيها العرب تطئون القمح والشعير تحت أقدامكم ، وتغلفون سيوفكم بالذهب والفضة ، وتتزيّوا بزى اليهود والنصارى فى أوانى الذهب والفضة؟ فقال أحدهم : هذا كله من مخالطتهم. فقال : اذهبوا عنى لئلا يصيبنى ما أصابكم ، وزوّدهم وأمرهم بالانصراف. فقال له أحدهم : أنت ملك هذه الجزيرة ، وأنت على هذه الهيئة؟ فقال : يحقّ لمن رفعه الله بالنعمة أن يزداد بها تواضعا ، وإنى قد ملكنى الله أهل هذه الجزيرة فيحقّ لى ألّا أتكبّر عليهم ، ثم انصرف عنهم وتركهم.
__________________
(١) الحديد : ١٤
(٢) الحديد : ١٦
(٣) الحديد : ١٦
(٤) بياض فى الأصلين.
(٥) فى الأصلين : ورجليه حافيتين.