من هذا أنّ احتمال التشبيه مع ذكر «من» قائم كما هو مع حذفها.
ويحتمل أنه قصد
التشبيه بالقطران لشدة سوادها واشتعال النار فيها ونتنها بحيث يقال إنها من
القطران ، وربما يكون من تلك السرابيل المسوح التى تقبض فيها أرواح الكفار على ما
ورد مرادا بها الحقيقة فى قراءة تنوين قطران ، ووصف بأنه أقرب ؛ ويدل على أن
التصريح بمن لا ينافى التشبيه الإتيان بها مع صريحه ؛ نحو قوله صلىاللهعليهوسلم : كأنه من رجال شنوءة ، وكأنه من رجال الزط.
(سَبْعاً مِنَ
الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) : قال بعض العدديين : إنما خصص لفظ السبع هنا لأنها
أوّل العدد الكامل الزائد على العدد التام الأجزاء ؛ لأن الستة عدد تام الأجزاء ،
وهذا العدد له نسبة فى المخلوقات الجملة ؛ كعدد السموات والأرض والأيام والأعضاء ،
وأبواب جهنم. وغير ذلك مما يطول ذكرها. وذكر الله لهذه السورة أسماء كثيرة ، وفيها
سبع آيات ، وهى خالية من أحرف العذاب : الثاء : (لا تَدْعُوا
الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً) . والخاء : (أَلَّا تَخافُوا وَلا
تَحْزَنُوا). والشين : (ولا تشقى) . والجيم : (لَهُمْ نارُ
جَهَنَّمَ) ـ يعنى الكفار. والزاى : (إِنَّ شَجَرَةَ
الزَّقُّومِ). والفاء : (يَوْمَئِذٍ
يَتَفَرَّقُونَ). والظاء : (أَوْ كَظُلُماتٍ). فسبحان من خصّ هذه الأمة بمحامد وخصائص يجب عليهم
شكرها إن عقلوا ، ولو لم يكن لهم إلا افتتاح هذا الكتاب المنزّل عليهم بالحمد
تعليما لهم وإرشادا لحمده. وكرّر عليهم ذكر ذلك فى كتابه : كقوله لنبيه : (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ
يَتَّخِذْ وَلَداً) . (قُلِ الْحَمْدُ
لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ).
__________________