حيى لأنه مسّه عين هناك تدّعى عين الحياة ما مسّت قطّ شيئا إلا حيى.
ومن غريبه أيضا أن بعض المفسرين ذكر أنّ موضع سلوك الحوت عاد حجرا طريقا ، وأن موسى مشى عليه متّبعا للحوت حتى أفضى به ذلك الطريق إلى جزيرة فى البحر ، وفيها وجد الخضر. وظاهر الروايات والكتاب أنه إنما وجد الخضر فى ضفّة البحر يدلّ عليه قوله : (فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً)(١). وإنما ذكر بعده : (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً)(٢) ـ بالواو : لأنه يحتمل أن يكون من كلام يوشع لموسى ؛ أى اتخذ الحوت سبيله عجبا للناس. ويحتمل أن يكون قوله تمام الخبر ، ثم استأنف التعجب ؛ فقال من قبل نفسه : عجبا لهذا الأمر. وموضع العجب أن يكون حوت قد مات وأكل شقّه الأيسر ثم حيى بعد ذلك.
قال أبو شجاع فى كتاب الطبرى : رأيته فإذا هو شقه حوت وعين واحدة وشق آخر ليس فيه شىء. قال ابن عطية : وأنا رأيته والشق الذى ليس فيه شىء قشر له قشرة رقيقة تشفّ تحتها شوكة ، وشقّه الآخر. ويحتمل أن يكون قوله : (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ ...)(٣) الآية إخبارا من الله تعالى ، وذلك على وجهين : إما أن يخبر عن موسى أنه اتخذ سبيل الحوت من البحر عجبا ، أى تعجّب منه ، وإما أن يخبر عن الحوت أنه اتخذ سبيله عجبا للناس.
وقرئ : واتخاذ سبيله ؛ فهذا مصدر معطوف على الضمير فى (أَنْ أَذْكُرَهُ)(٤).
(سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ)(٥) بفتح القاف وكسر الطاء ، وبفتحهما وبسكون الطاء ؛ وإنما جعل قمص أهل النار من القطران ، وهو الذى تهنا (٦) به الإبل ، لأن للنار اشتعالا شديدا.
__________________
(١) الكهف : ٦٤
(٢) الكهف : ٦٣ ، فهو ليس بعده.
(٣) الكهف : ٦٣
(٤) الكهف : ٦٣ ، فهو ليس بعده.
(٥) إبراهيم : ٥٠
(٦) تهنأ : هنأ الإبل يهنؤها ـ مثلثة النون : طلاها بالهناء ، وهو القطران.