موسى (١) : (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا).
(فَالسَّابِقاتِ (٢) سَبْقاً) : قيل إنها الملائكة ، سمّاهم الله نازعات ؛ لأنهم ينزعون نفوس بنى آدم من أجسادها ؛ وناشطات ؛ لأنهم ينشطونها ، أى يخرجونها ، فهو من قولك : نشطت الدّلو من البئر ، إذا أخرجتها. وسابحات ، لأنهم يسبحون فى سيرهم ، أى يسرعون فيسبقون فيدبّرون أمور العباد والرياح والمطر وغير ذلك حسبما يأمرهم الله.
وقيل : إنها النجوم ، وسماها نازعات ؛ لأنها تنزع من المشرق إلى المغرب ، وناشطات لأنها تنشط من برج إلى برج ، وسابحات لأنها تسبح فى الفلك ؛ ومنه (٣) : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) ، فتسبق فى جريها ، فتدبّر أمرا من علم الحساب.
((٤) فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) : قال ابن عطية : لا أعلم خلافا أنها الملائكة ، وحكى فيها القولان ، كما تقدم.
فإن قلت : ما معنى (غَرْقاً (٥)) على القولين؟ وأين جواب القسم؟
فالجواب إن قلنا إنّ النازعات الملائكة ففي معنى غرقا وجهان : أحدهما أنه من الغرق ، أى تغرق الكفّار فى جهنم. والآخر أنه من الإغراق بمعنى المبالغة فيه ؛ أى تبالغ فى نزع النفوس حتى تخرجها من أقاصى الأجساد. وإن قلنا إن النازعات النجوم فهو من الإغراق بمعنى المبالغة ؛ أى تبالغ فى نزوعها ، فتقطع الفلك كلّه. وإن قلنا إنها النفوس فهو أيضا من الإغراق ؛ أى تغرق فى الخروج من الجسد.
__________________
(١) طه : ٦٤
(٢) النازعات : ٤
(٣) الأنبياء : ٣٣
(٤) النازعات : ٥
(٥) فى قوله تعالى : والنازعات غرقا.