(فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ)(١) : تحضيض على التذكّر والاستدلال بالنّشأة الأولى على النّشأة الآخرة. وفى هذا دليل على صحة القياس.
(فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ. وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ)(٢) : لو لا هنا عرض ، والضمير فى بلغت للنفس ؛ لأن سياق الكلام يقتضى ذلك ، وبلوغها الحلقوم حين الموت ؛ والفعل الذى دخلت عليه «لو لا» هو قوله : ترجعونها ؛ أى هلّا رددتم النفس حين الموت.
ومعنى الآية : احتجاج على البشر ، وإظهار لعجزهم ؛ فإنهم إذا حضر أحدهم الموت لم يقدروا أن يردّوا روحه إلى جسده ؛ وذلك دليل على أنهم مقهورون تحت قدرته ؛ وهو القاهر فوق عباده ؛ والمقهور لا يقدر على شىء ؛ وذلك أشدّ لحسرته.
(فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ)(٣) : معنى هذا على الجملة نجاة أصحاب اليمين سعادتهم. والسلام هنا يحتمل أن يكون بمعنى السلامة أو التحية. والخطاب فى ذلك يحتمل أن يكون للنبى صلىاللهعليهوسلم ، أو لأصحاب ليمين ؛ فإن كان للنبى صلىاللهعليهوسلم فالسلام بمعنى السلامة. والمعنى سلام لك يا محمد منهم ؛ أى لا ترى فيهم إلا السلامة من العذاب. وإن كان الخطاب لأصحاب اليمين فالسلام بمعنى التحية. والمعنى سلام لك ؛ أى تحية لك يا صاحب اليمين من إخوانك ، وهم أصحاب اليمين ؛ أى يسلّمون عليك فهو كقوله (٤) : (إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً). أو يكون السلام بمعنى السلامة ؛ والتقدير سلامة لك يا صاحب اليمين ، ثم يكون قوله : من أصحاب اليمين ـ خبر ابتداء مضمر ؛ تقديره أنت من أصحاب اليمين.
__________________
(١) الواقعة : ٦٢
(٢) الواقعة : ٨٣ و ٨٤
(٣) الواقعة : ٩١
(٤) الواقعة : ٢٦