(فَأَطَّلِعَ)(١) : بالرفع عطف على (أَبْلُغُ)(٢) ، وبالنصب على إضمار «أن» فى جواب لعلى ، لأن الترجى غير واجب ، فهو كالتمنى فى انتصاب جوابه ، ولا نقول إن لعل أشربت معنى ليت ، كما قاله بعض النحاة.
وهذا من قول فرعون لما أمر هامان ببنيان الصرح الذى رام أن يصعد به إلى السماء ، وانظر ضعف عقولهما وعقول قومهما وجهلهم بالله فى كونهم طمعوا أن يصلوا إلى السماء ببنيان الصرح.
وقد روى أنه أول من علمنا الآجر ، وصعد على الصرح بعد بنيانه ، ورمى بسهم إلى السماء ، فرجع السهم مخضوبا بالدم ؛ وذلك فتنة له ولقومه ، وتهكم به.
(فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً)(٣) ، ضمير التأنيث (٤) يعود على السموات ، وقوله : ائتيا مجاز ، وهو عبارة عن تكوين طاعتهما ، وكذلك قولهما : أتينا طائعين ، عبارة على أنهما لم يمتنعا عليه حين أراد تكوينهما. وقيل : بل ذلك كلام حقيقة ، أنطق الله السموات والأرض بالطوع ، ولهذا جمعهما جمع العقلاء لفعلهما فعلهم (٥). وقول الله لهما عبارة عن لزوم طاعتهما كما يقول الملك لمن تحت يده : افعل كذا ، شئت أو أبيت ، أى لا بدّ لك من فعله. وقيل تقديره : أتيتما طوعا وإلا أتيتما كرها. وقيل : إن المجيب له من الأرض موضع الكعبة ، ومن السموات البيت المعمور ، فلذا أكرمهما الله بالطواف بهما.
فإن قلت : هلّا قال طائعتين على اللفظ أو طائعات على المعنى ، لأنها سماوات وأرضون؟
__________________
(١) غافر : ٣٧
(٢) فى الآية قبلها : لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ.
(٣) فصلت : ١١
(٤) أى فى «لَها».
(٥) أى فعل العقلاء.