اللهم إنى لم أجئ لمريض أداويه ، ولا لأجل أسير فأفديه ، اللهم فاسق عادا كما كنت تسقيهم ، فهاجت ثلاث سحائب حمرا وبيضا وسودا ، فسمع صوتا : اختر أيّها شئت. فقال : قد اخترت السوداء ، فسمع صوتا يقول : قد اخترت رعّادا (١) لا يبقى من الرّعاد أحدا لا والدا ولا ولدا. فأمر الله تعالى ملك الريح أن يرسل من الصّرصر مقدار حلقه.
قال وهب بن منبّه اليمانى : تحت الأرض السفلى ، كما يقال لها العقيم ، تعصف يوم القيامة ، فتقطع الجبال من أماكنها ، وترفع الأرض وتزحزحها ، وتشقّ الأرض ؛ قال تعالى (٢) : (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً) ، وسبعة آلاف موكّلون بهذا الريح ، فأمر الله الملك الموكّل به أن يرسل جزءا من هذا الريح إلى قوم عاد ؛ فقال : إلهى ، كم أرسل؟ قال : مقدار منخر ثور. قال : إلهى كثير ؛ فأمر الله أن يرسل مقدار حلقة خاتم ، فقال : إلهى كثير ؛ لا تدع شيئا فى الأرض إلا أهلكته. فأمر الله أن يرسل مقدار سمّ الخياط ، فلما جاءتهم السحاب قالوا (٣) : (هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) ، فقال لهم : هود : (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ).
فجاءتهم الريح ، فخرج منهم سبعمائة ، وصعدوا فى الجبل ، أخذ كلّ واحد منهم بيد صاحبه وذيله طامعين فى النجاة ، فلما اشتد الريح صاحوا وركضوا فى الجبل ، فساخ (٤) إلى ركبتهم ، فلما حان العذاب أظلمت السماء ، ورعدت ، فنزلت ريح ، فهدم جميع أبنيتهم ورفعها فى الهواء ، فجعلها مثل الدقيق المطحون ، فصار رملا ، وهذه الرمال التى على وجه الأرض من ذلك ، ثم رفع قوم
__________________
(١) سحابة رعّادة : كثيرة الرعد.
(٢) الحاقة : ١٤
(٣) الأحقاف : ٢٤
(٤) هذا بالأصلين.