يعقب بعضهم بعضا ؛ ومنه الحديث : يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار. وأما قوله تعالى (١) : (لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) ـ فمعناه الذى يكر على الشيء فيبطله ، يقال : عقب الحاكم على حكم من قبله إذا حكم بعد حكمه بغيره.
(مصرخكم (٢)): مغيثكم. واختلف : هل هذا من قول الشيطان فى القيامة أو فى النار؟
(مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٣)) : الضمير للظالمين. والمعنى أنهم يسرعون يرفعون رءوسهم ويخفضونها من شدة ما يرون من الهول.
والهواء المراد به هنا الريح ؛ يعنى أنّ أفئدتهم كالهواء ، إشارة إلى ذهابها وعدم انتفاعهم بها.
ويحتمل أن يراد العقل ، ولا سيما إذا قلنا إن محلّه القلب ؛ وهو أن عقولهم تذهب وتصير كالهواء ؛ لأنهم يذهلون لشدة ما ينالهم. وهذا تشبيه. والبيانيون يجعلونه استعارة ؛ لأنهم يقولون : زيد كالأسد تشبيه ، وزيد (٤) أسد استعارة ، ورأيت أسدا يكر ويفر فى الحرب فيه خلاف عندهم ، وكذلك زيد مثل الأسد.
(مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ (٥)) : يعنى الوعد بالنصر على الكفار.
فإن قلت : لم قدم المفعول الثانى على الأول؟
فالجواب أنه قدم الوعد ليعلم أنه لا يخلف الوعد أصلا على الإطلاق ؛ ثم قال
__________________
(١) الرعد : ٤١
(٢) إبراهيم : ٢٢
(٣) إبراهيم : ٤٣
(٤) بل يقولون : إنه تشبيه بليغ.
(٥) إبراهيم : ٤٧