حتى لا يقع بصرى على أعضائك ، وجعلت هذه المخاطبة رغبة فيه ، لكنها كتمت محبته كزليخا ، قالت (١) : (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً). وكذلك خديجة بنت خويلد جعلت خدمة سيدنا ومولانا محمدا صلىاللهعليهوسلم سببا للاتصال به ، وكذلك أنت يا محمدى ، جعل الله لك امتثال الأوامر واجتناب النواهى سببا لإقباله عليك ومواعدتك الجنة إكراما لك ومحبة فيك ؛ فلما سمع شعيب مقالة ابنته رغب فيه وقال (٢) : (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ). فقال موسى : ليس لى قدرة على المهر. قال شعيب (٣) : (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ) ؛ فرضى موسى ، وجمع شعيب أهل بلده وعقد النكاح ، وسلمها إليه.
قال السّدى : أتى ملك إلى شعيب بعصا موسى ، وكانت من سدرة المنتهى ، نزل بها آدم من الجنة. وقيل من آس (٤) فورثها شيث ، ثم إدريس ، ثم نوح ، ثم هود ، ثم صالح ، ثم لوط ، ثم إبراهيم ، ثم يعقوب ، ثم الأسباط ، ثم إلى شعيب ؛ فقال لموسى : ادخل البيت ، وخذ عصا من بين العصىّ ، واذهب نحو الغنم ؛ فدخل موسى وخرج بعصاه ، فرآه شعيب ، وقال : هذه أمانة ، ردّها إلى موضعها ، وخذ الأخرى ؛ فرجع ووضعها ، وأراد أخذ الأخرى. فدخلت هذه العصا فى يده ، وكلما جهد أن يأخذ الأخرى لم يقدر ، فأخذ تلك العصا ، وذهب نحو الغنم ؛ فقال شعيب : قد ذهب بأمانة الغير ، فألحقه واستردها منه ؛ فأدرك موسى وقال : أعطنى العصا ، فأبى موسى من (٥) إعطائه ، فتنازعا واتفقا على أن يحكم بينهما من لقيهما أولا ، فلقيهما ملك على صورة آدمى ، فقال : احكم بيننا. فقال : يا موسى ، ضع العصا على الأرض ، فإن قدرت أن ترفعها فهى لك ،
__________________
(١) يوسف : ٢١ ، القصص : ٩
(٢) القصص : ٢٧
(٣) القصص : ٢٧
(٤) الآس : شجر (القاموس).
(٥) هذا بالأصلين.