(لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ (١)) : يعنى ليلة القدر من رمضان. وكيفية إنزال هذا القرآن العظيم فيها أنه أنزل إلى السماء جملة واحدة ، ثم نزل به جبريل مفرّقا فى عشرين سنة ، أو ثلاث وعشرين ، أو خمس وعشرين ، على حسب الخلاف فى مدة إقامته صلىاللهعليهوسلم بمكة بعد البعثة ؛ قال تعالى (٢) : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ ، وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً).
وأخرج الحاكم وابن أبى شيبة من طريق حسان بن حريث عن سعيد ابن جبير ، عن ابن عباس ، قال : فصل القرآن من الذكر ، فوضع فى بيت العزة من السماء الدنيا ، فجعل جبريل ينزل به على النبى صلىاللهعليهوسلم. أسانيدها كلها صحيحة.
وأخرج الطبرانى من وجه آخر عن ابن عباس ، قال : أنزل القرآن فى ليلة القدر فى شهر رمضان إلى السماء الدنيا جملة واحدة ، ثم أنزل نجوما. إسناده لا بأس به.
وأخرج ابن مردويه والبيهقى فى الأسماء والصفات من طريق السدّى عن محمد ابن أبى (٣) المجالد ، عن مقسم ، عن ابن عباس ـ أنه سأله ابن عطية (٤) الأسود ، فقال : وقع فى قلبى الشك! قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ). وقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ). وهذا نزّل فى شوّال وفى ذى القعدة وفى ذى الحجة والمحرّم وصفر وشهر ربيع ؛ فقال ابن عباس : إنه أنزل فى رمضان
__________________
(١) الدخان : ٣
(٢) الاسراء : ١٠٦
(٣) ابن أبى المجالد اسمه محمد ، وقيل : عبد الله (التقريب). وفى الإتقان : عن محمد ، عن ابن أبى المجالد!
(٤) فى الاتقان : أنه سأل عطية بن الأسود!