وقال ابن عطية : دخلت الواو فى آخر إخبار عن عددهم ، لتدلّ أن هذا نهاية ما قيل ، ولو سقطت لصح الكلام.
(روم) : اسم عجمى لهذا الجيل من الناس ، قاله الجواليقى (١) : وسمّيت باسم جدهم ، وهو روم بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم.
(رُخاءً (٢)) : يعنى ليّنة طيبة. وقيل مطيعة له ، وحيث أصاب : أى قصد وأراد.
فإن قلت : قد وصفها فى الأنبياء أنها عاصفة (٣) ، أى شديدة بالجمع.
فالجواب : أنها كانت فى نفسها ليّنة طيّبة ، وكانت تسرع فى جريها كالعاصف ، فجمعت الوصفين. وقيل : كانت رخاء فى ذهابه وعاصفة فى رجوعه إلى وطنه ، لأن عادة المسافرين الإسراع فى الرجوع. وقيل : كانت تشتد إذا رفعت البساط وتلين إذا حملته.
ومعنى الأرض التى باركنا فيها أرض الشام ، وكانت مسكنه وموضع ملكه ، فخص فى الآية الرجوع إليها ليدلّ على الانتقال منها ، فمن يقدر على وصف هذا الملك الذى كانت الريح مركبه والإنس والجن جنوده ، والطير معينه ومحدّثه ، والوحش مسخرة ، والملائكة رسوله ، وكان له ميدان لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وكان عسكره مائة فرسخ ، وكان منزله شهرا ، وكانت الجن نسجت له بساطا من ذهب وفضة فيها اثنا عشر ألف محراب ، فى كل محراب كرسىّ من ذهب وفضة ، على كل كرسىّ عالم من علماء بنى إسرائيل ، ومع ذلك لم يشغله
__________________
(١) المعرب : ١٦٣
(٢) ص : ٣٦
(٣) الأنبياء : ٨١