أن معنى كان للدوام ؛ فإنه لا يزال كذلك ، ويحتمل أن يحمل السؤال على مسلكين والجواب على دفعهما ؛ كأن يقال هذا اللفظ يشعر بأنه فى الزمان الماضى كان غفورا رحيما مع أنه لم يكن هناك من يغفر له أو يرحم ، وبأنه ليس فى الحال كذلك لما يشعر به لفظ «كان».
والجواب عن الأول بأنه كان فى الماضى تسمّى به. وعن الثانى بأن «كان» تعطى معنى الدوام.
وقد قال النحاة : كان لثبوت خبرها ماضيا دائما أو منقطعا.
وقد أخرج ابن أبى حاتم من وجه آخر عن ابن عباس أن يهوديا قال : إنكم تزعمون أن الله كان عزيزا حكيما ، فكيف هو اليوم؟ فقال : إنه كان فى نفسه عزيزا حكيما.
موضع آخر توقف فيه ابن عباس : قال أبو عبيد (١) : حدثنا إسماعيل عن أيوب ، عن ابن أبى مليكة ، قال : سأل رجل ابن عباس عن (٢)(يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ). وقوله (٣) : (يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ) [٢٩ ا] (خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ). فقال ابن عباس : هما يومان ذكرهما الله فى كتابه ، والله أعلم بهما.
وأخرجه ابن أبى حاتم من هذا الوجه ، وزاد : ما أدرى ما هما ، وأكره أن أقول فيهما ما لا أعلم.
قال ابن مليكة : فضرب الدهر حتى دخلت على سعيد بن المسيّب فسئل عن ذلك فلم يدر ما يقول. فقلت : ألا أخبرك بما حضرت عن ابن عباس. فأخبرته. فقال ابن المسيب للسائل : هذا ابن عباس قد اتّقى أن يقول فيها ، وهو أعلم منى.
__________________
(١) فى الإتقان : أبو عبيدة.
(٢) السجدة : ٥
(٣) المعارج : ٤