بالواو ؛ لأن الأولى من كلامه تعالى لهم فلم يعدد عليهم المحن تكريما فى الخطاب. والثانية من كلام موسى فعددها فى الأعراف (١) : (يُقَتِّلُونَ) ، وهو من بديع الألفاظ المسمى بالتفنن.
قوله تعالى (٢) : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ) ، وفى آية الاعراف اختلاف ألفاظ ؛ ونكتته أن آية البقرة فى معرض ذكر النعم عليهم حيث قال (٣) : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) ... الخ. فناسب نسبة القول إليه تعالى ، وناسب قوله رغدا ؛ لأن النعم به أتم ، وناسب تقديم : وادخلوا الباب سجدا ، وناسب خطاياكم لأنه جمع كثرة ، وناسب الواو فى : وسنزيد المحسنين لدلاتها على الجمع بينهما ، وناسب الفاء فى فكلوا ؛ لأن الأكل قريب (٤) من الدخول.
وآية الأعراف افتتحت بما به توبيخهم ؛ وهو قوله (٥) : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ). ثم اتخاذهم العجل ؛ فناسب ذلك : وإذا قيل لهم ؛ وناسب ترك «رغدا» ؛ والكنى تجامع الأكل فقال : وكلوا ؛ وناسب تقديم مغفرة الخطايا ، وترك الواو فى سنزيد. ولما كان فى الأعراف تبعيض الهادين بقوله (٦) : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ) ناسب تبعيض الظالمين بقوله : الذين ظلموا منهم ، ولم يتقدم فى البقرة إشارة إلى سلامة غير الذين ظلموا لتصريحه بالإنزال على المتصفين بالظلم. والإرسال أشد وقعا من الإنزال ، فناسب سياق ذكر [النعمة فى البقرة ذلك ، وختم آية البقرة بيفسقون. ولا يلزم منه الظلم ، والظلم يلزم منه الفسق ؛ فناسب كل لفظ منها سياقه.
__________________
(١) الأعراف : ١٤١
(٢) البقرة : ٥٨
(٣) البقرة : ٤٠
(٤) فى الإتقان : مرتب على الدخول.
(٥) الأعراف : ١٣٨
(٦) الأعراف : ١٥٩