المتقين ، ولما ذكر فى لقمان الرحمة ناسبه : هدى ورحمة للمحسنين.
وإنما ذكر فى البقرة (١) : «وكلا» بالواو ، وفى الأعراف (٢) : «فكلا» ـ بالفاء ؛ لأن المراد بالسكنى فى البقرة الإقامة ، وفى الأعراف اتخاذ المسكن ؛ فلما ناسب القول إليه تعالى (٣) : (وَقُلْنا يا آدَمُ) ناسب زيادة الإكرام بالواو الدالة على الجمع بين السكنى والأكل ؛ ولذا قال فيه رغدا ، وقال : حيث شئتما ؛ لأنه أعم. وأتى فى الأعراف : يا آدم ، فأتى بالفاء الدالة على ترتيب الأكل على السكنى المأمور باتخاذها ؛ لأن الأكل بعد الاتخاذ. ومن حيث لا يعطى عموم (حَيْثُ شِئْتُما).
قوله فى البقرة (٤) : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ). وقال بعد ذلك (٥) : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ) ؛ ففيه تقديم وتأخير ؛ والتعبير بقبول الشفاعة تارة وبالنفى أخرى ، وذكر فى حكمته أن الضمير فى منها راجع فى الأولى إلى النفس الأولى ، وفى الثانية إلى النفس الثانية ، فبيّن فى الأولى أن النفس الشافعة الجازية عن غيرها لا تقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ؛ وقدمت الشفاعة لأن الشافع يقدم [١٧ ا] الشفاعة على بذل العدل عنها.
وبيّن فى الثانية أن النفس المطلوبة بجرمها لا يقبل منها عدل عن نفسها ، ولا تنفعها شفاعة شافع فيها ؛ وقدم العدل لأن الحاجة إلى الشفاعة إنما تكون عند رده ؛ ولذلك قال فى الأولى : لا يقبل منها شفاعة ؛ وفى الثانية : ولا تنفعها شفاعة ؛ لأن الشفاعة إنما تقبل من الشافع ؛ وإنما تنفع المشفوع له.
قوله تعالى فى البقرة (٦) : (يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ). وفى إبراهيم (٧) : (وَيُذَبِّحُونَ
__________________
(١) البقرة : ٣٥
(٢) الأعراف : ١٩
(٣) البقرة : ٣٥
(٤) البقرة : ١٢٣
(٥) البقرة : ١٢٣
(٦) البقرة : ٤٩
(٧) إبراهيم : ٦