فى الجملة السابقة معنى القول. ومنه (١) : (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا) ، إذ ليس المراد بالانطلاق المشى ، بل انطلاق ألسنتهم بهذا الكلام ، كما أنه ليس المراد بالمشى المتعارف ، بل الاستمرار على المشى. وزعم الزمخشرى أن التى فى قوله (٢) : (أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) ـ مفسرة. ورد بأن قوله : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) ؛ والوحى هنا إلهام باتفاق ، وليس فى الإلهام معنى القول ، وإنما هى مصدرية ؛ أى باتخاذ الجبال.
وألا يكون فى الجملة السابقة أحرف القول ؛ وذكر الزمخشرى فى قوله (٣) : (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) ـ إنه يجوز أن تكون مفسرة بالقول على تأويله بالأمر ؛ أى ما أمرتهم إلا بما أمرتنى به أن اعبدوا الله.
قال ابن هشام (٤) : وهو حسن. وعلى هذا فيقال فى الضابط : ألا يكون فيها حروف القول إلا والقول مؤوّل بغيره.
قلت : وهذا من الغرائب كونهم يشترطون أن يكون فيها معنى القول ، فإذا جاء لفظه أوّلوه بما فيه مع صريحه ، وهو نظير ما تقدم من جعلهم «ال» فى الآن زائدة مع قولهم بتضمنه معناها وألا يدخل عليها حرف جر.
الرابع : أن تكون زائدة ؛ والأكثر أن تقع بعد لمّا التوقيفية ؛ نحو (٥) : وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً). وزعم الأخفش أنها قد تنصب المضارع وهى زائدة ، وخرج عليه (٦) : (وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ). ((٧) وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ) ؛ قال : فهى زائدة ، بدليل (٨) : وما لنا لا نؤمن بالله.
__________________
(١) ص : ٦
(٢) النحل : ٦٨ ، وانظر المغنى : ١ ـ ٣٠
(٣) المائدة : ١١٧
(٤) المغنى : ١ ـ ٣٠
(٥) العنكبوت : ٣٣
(٦) البقرة : ٢٤٦
(٧) إبراهيم : ١٢
(٨) المائدة : ٨٤