لذلك مثلا بالأرض الهامدة التى ينزل عليها الماء فتهتزّ وتربو ، وتنبت من كل زوج بهيج. ومن خلق الإنسان على ما أخبر به فأوجده بالخلق ثم أعدمه بالموت ، ثم يعيده بالبعث ، وأوجد الأرض بعد العدم فأحياها بالخلق ثم أماتها بالمحل ، ثم أحياها بالخصب ، وصدق خبره فى ذلك كله بدلالة الواقع (١) المشاهد على المتوقع الغائب ، حتى انقلب الخبر عيانا ـ صدق خبره فى الإتيان بالساعة ، ولا يأتى بالساعة إلا من يبعث من فى القبور ؛ لأنها عبارة عن مدة تقوم فيها الأموات للمجازاة ؛ فهى آتية لا ريب فيها ، وهو سبحانه يبعث من فى القبور (٢).
وقال غيره : استدل سبحانه على المعاد الجسمانى بضروب :
أحدها : قياس الإعادة على الابتداء ، قال (٣) : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ). ((٤) كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ). ((٥) أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ).
ثانيها : قياس الإعادة على خلق السموات والأرض بطريق الأولى ، قال (٦) : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ ...) الآية.
ثالثها : قياس الإعادة على إحياء الأرض بعد موتها بالمطر والنبات.
رابعها : قياس الإعادة على إخراج النار من الشجر الأخضر.
وقد روى الحاكم وغيره أن أبىّ بن خلف جاء بعظم ففتّه ، فقال : أفيحيي الله هذا بعد ما بلى ورمّ ، فأنزل الله (٧) : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ
__________________
(١) فى بديع القرآن : الشاهد.
(٢) إلى هنا من بديع القرآن.
(٣) الأعراف : ٢٩
(٤) الأنبياء : ١٠٤
(٥) ق : ١٥
(٦) يس : ٨١
(٧) يس : ٢٩ ، ٨٠