الثانى ـ نفى الذات الموصوفة قد يكون نفيا للصفة دون الذات ، وقد يكون نفيا للذات أيضا.
من الأول (١) : (وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ) ؛ أى بل هم جسد يأكلونه.
ومن الثانى (٢) : (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) ، أى لا سؤال لهم أصلا ؛ فلا يحصل منهم إلحاف ، ((٣) ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) ؛ أى لا شفيع لهم أصلا. ((٤) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) ، أى لا شافعين لهم تنفعهم شفاعتهم ، بدليل : (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ). ويسمى هذا النوع عند أهل البديع نفى الشيء بإيجابه. وعبارة ابن رشيق فى تفسيره : أن يكون الكلام ظاهره إيجاب الشيء وباطنه نفيه ، بأن ينفى ما هو من سببه ، كوصفه ، وهو المنفى فى الباطن.
وعبارة غيره : أن تنفى الشيء مقيدا والمراد نفيه مطلقا مبالغة فى النفى وتأكيدا له. ومنه (٥) : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ) ، فإن الإله مع الله لا يكون إلا عن غير برهان. ((٦) وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ) ؛ فإن قتلهم لا يكون إلا بغير حق. ((٧) رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) ؛ فإنها لا عمد لها أصلا.
الثالث ـ قد ينفى الشيء أصلا (٨) لعدم كمال وصفه ، أو انتفاء ثمرته ؛ كقوله فى صفة أهل النار (٩) : (لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) ، فنفى عنه الموت ، لأنه ليس
__________________
(١) الأنبياء : ٨
(٢) البقرة : ٢٧٣
(٣) غافر : ١٨
(٤) المدثر : ٤٨
(٥) المؤمنون : ١١٧
(٦) آل عمران : ٢١
(٧) الرعد : ٢
(٨) فى الإتقان : رأسا.
(٩) الأعلى : ١٣