ثم قد وضعوا للتعجب صيغا فعمن لفظه ، وهى ما أفعل ، وأفعل به ، وصيغا من غير لفظه ، نحو «كبر» ، كقوله تعالى (١) : (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ). ((٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ). ((٣) كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ).
قاعدة
قال المحققون : إذا ورد التعجب من الله صرف إلى المخاطب ، كقوله تعالى (٤) : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) ؛ أى هؤلاء يجب أن يتعجب منهم ، وإنما لا يوصف تعالى بالتعجب ؛ لأنه استعظام يصحبه الجهل ، وهو تعالى منزه عن ذلك ؛ ولهذا تعبّر جماعة بالتعجب بدله ، أى أنه تعجيب من الله للمخاطبين. ونظير هذا مجيء الدعاء والترجى منه تعالى ، إنما هو بالنظر إلى ما تفهمه العرب ؛ أى هؤلاء مما يجب أن يقال لهم : عندكم هذا. ولهذا قال سيبويه فى قوله تعالى (٥) : (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى). المعنى اذهبا على رجائكما وطمعكما. وفى قوله (٦) : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ). ((٧) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) : لا تقول هذا دعاء ؛ لأن الكلام بذلك قبيح ، ولكن العرب إنما تكلموا بكلامهم ، وجاء القرآن على لغتهم وعلى ما يعنونه ؛ فكأنه قيل لهم : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) ؛ أى هؤلاء ممن وجب هذا القول لهم ؛ لأن هذا الكلام إنما يقال لصاحب الشر والهلكة ؛ فقيل : هؤلاء ممن دخل فى الهلكة.
__________________
(١) الكهف : ٥
(٢) الصف : ٣
(٣) البقرة : ٢٨
(٤) البقرة : ١٧٥
(٥) طه : ٤٤
(٦) المطففين : ١
(٧) المطففين : ١٠