والنداء والقسم ، أم لا ؛ كأنت طالق ؛ وإن احتملهما من حيث هو
فصل
القصد بالخبر إفادة المخاطب. وقد يرد بمعنى الأمر ؛ نحو (١) : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ). ((٢) وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ) [٧٠ ا]. وبمعنى النهى ، نحو (٣) : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ). وبمعنى الدعاء ؛ نحو (٤) : (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ). أى أعنّا. ومنه (٥) : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) ؛ فإنه دعاء عليه. وكذا (٦) : (قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ). ((٧) غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا). وجعل منه قوم (٨) : (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) ؛ قالوا : هو دعاء عليهم بضيق صدورهم عن قتال أحد.
ونازع ابن العربى (٩) فى قولهم : إن الخبر يرد بمعنى الأمر أو النهى ، فقال فى قوله تعالى (١٠) : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ) ـ ليس نفيا لوجود الرفث ؛ بل لنفى مشروعيته ؛ فإن الرفث يوجد من بعض الناس ؛ وأخبار الله لا يجوز أن تقع بخلاف مخبره ، وإنما يرجع النفى إلى وجوده مشروعا لا إلى وجوده محسوسا ؛ كقوله (١١) : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ) ، ومعناه مشروعا لا محسوسا ، فإنا تجد مطلّقات لا يتربصن ، فعاد النفى إلى الحكم الشرعى لا إلى الوجود الحسّى. وكذا (١٢) : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) ، أى لا يمسه أحد منهم شرعا ، فإن وجد
__________________
(١) البقرة : ٢٣٣
(٢) البقرة : ٢٢٨
(٣) الواقعة : ٧٩
(٤) الفاتحة : ٥
(٥) المسد : ١
(٦) التوبة : ٣٠
(٧) المائدة : ٦٤
(٨) النساء : ٩٠
(٩) أحكام القرآن : ١ ـ ٣٤
(١٠) البقرة : ١٩٧
(١١) البقرة : ٢٢٨
(١٢) الواقعة : ٧٩