إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ). معناه إن ربنا يعلم إنا لصادقون. ((١) جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً). قال أبو على الفارسى : لما كان البناء رافعا للمبنيّ قوبل بالفراش الذى هو خلاف البناء.
ومنه نوع يسمى الطباق الخفىّ ؛ كقوله (٢) : (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً) ؛ لأن الغرق من صفات الماء ، فكأنه جمع بين الماء والنار.
قال ابن منقذ (٣) : وهى أخفى مطابقة فى القرآن.
وقال ابن المعتز (٤) : من أملح الطباق وأخفاه قوله تعالى (٥) : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) ؛ لأن معنى القصاص القتل ، فصار القتل سبب الحياة.
[الترصيع]
ومنه نوع يسمى ترصيع الكلام ؛ وهو اقتران الشيء بما يجتمع معه فى قدر مشترك ؛ كقوله (٦) : (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى. وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى). جاء بالجوع مع العرى ، وبابه أن يكون مع الظمأ ، وبالضّحى مع الظمأ ؛ وبابه أن يكون مع العرى ، لكن الجوع والعرى اشتركا فى الخلو ؛ فالجوع خلوّ البطن من الطعام. والعرى خلو الظاهر من اللباس. والضحى والظمأ اشتركا فى الاحتراق ؛ فالظمأ احتراق الباطن من العطش ، والضّحى احتراق الظاهر من حر الشمس.
__________________
(١) البقرة : ٢٢
(٢) نوح : ٢٥
(٣) هو أسامة بن منقذ صاحب كتاب «البديع» وغيره. توفى سنة ٤ / ٥.
(٤) هو عبد الله بن محمد المعتز بالله الخليفة الشاعر. صاحب كتاب «البديع» توفى سنة ٢٩٦ ه
(٥) البقرة : ١٧٩
(٦) طه : ١١٨ ، ١١٩