وكذلك (١) : (يَسِّرْ لِي أَمْرِي). والمقام يقتضى التأكيد للإرسال المؤذن بتلقى الشدائد ، وكذلك (٢) : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) ؛ فإن المقام يقتضى التأكيد ؛ لأنه مقام امتنان وتفخيم. وكذا (٣) : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ).
ومنه التفصيل بعد الإجمال ، نحو (٤) : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً ...) إلى قوله : (مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ).
وعكسه ؛ كقوله (٥) : (ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ). أعيد ذكر العشرة لدفع توهم أن الواو فى «وسبعة» بمعنى «أو» فتكون الثلاثة داخلة فيها ، كما فى قوله (٦) : (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) ، ثم قال (٧) : (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) ؛ فإن من جملتها اليومين المذكورين أولا ، وليست أربعة غيرهما. وهذا أحسن الأجوبة فى الآية ، وهو الذى أشار إليه الزمخشرى ، ورجّحه ابن عبد السلام ، وجزم به الزملكانى فى أسرار التنزيل ؛ قال : ونظيره (٨) : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) ـ فإنه رافع لاحتمال أن تكون تلك العشرة من غير مواعدة.
قال ابن عسكر : وفائدة الوعد بثلاثين أولا ثم بعشر ؛ ليتجدد له قرب انقضاء المواعدة ، ويكون فيه متأهبا ، مجتمع الرأى ، حاضر الذهن ؛ لأنه لو وعد بالأربعين أولا كانت متساوية ، فلما فصلت استشعرت النفس قرب التمام ، وتجدّد بذلك عزم لم يتقدم.
__________________
(١) طه : ٢٥
(٢) الشرح : ١
(٣) الحجر : ٦٦
(٤) التوبة : ٣٦
(٥) البقرة : ١٩٦
(٦) فصلت : ٩
(٧) فصلت : ١٠
(٨) الأعراف : ١٤٢