ومن ذلك تكرير الأمثال ، كقوله (١) : (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ. وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ. وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ. وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ).
وكذلك ضرب [٥٨ ا] مثل المنافقين أول البقرة (٢) بالمستوقدين نارا ، ثم ضربه (٣) بأصحاب الصّيّب ؛ قال الزمخشرى (٤) : والثانى أبلغ من الأول ؛ لأنه أدل على فرط الحيرة وشدة الأمر وفظاعته ؛ قال : ولذلك أخّر ، وهم يتدرجون فى نحو هذا من الأهون إلى الأغلظ.
ومن ذلك تكرير القصص ، كقصة آدم وموسى ونوح وغيرهم من الأنبياء. قال بعضهم : ذكر الله موسى فى كتابه فى مائة وعشرين موضعا.
وقال ابن العربى فى القواصم : ذكر الله قصة نوح فى خمسة وعشرين موضعا ، وقصة موسى فى تسعين آية.
وقد ألف البدر بن جماعة كتابا سماه المقتنص فى فوائد تكرير القصص ؛ وذكر فى فوائده :
أن فى كل موضع زيادة شىء لم يذكر فى الذى قبله ، أو إبدال كلمة بأخرى لنكتة ؛ وهذه عادة البلغاء.
ومنها (٥) أن الرجل كان يسمع القصة من القرآن ، ثم يعود إلى أهله ثم يهاجر بعده آخرون يحكمون ما نزل بعد صدور من بعدهم (٦) ، فلو لا تكرار القصص
__________________
(١) فاطر : ١٩ ـ ٢٢
(٢) آية : ١٧
(٣) آية ١٩
(٤) الكشاف : ١ ـ ٣٣
(٥) أى الفوائد
(٦) فى الإتقان : تقدمهم.