الأول (١) : أن ما يناظره من كلامهم ، وهو قوله : «القصاص حياة» أقلّ حروفا ؛ فان حروفها عشرة ، وحروف : القتل أنفى للقتل ـ أربعة عشر.
الثانى : أن نفى القتل لا يستلزم الحياة ، والآية ناصّة على ثبوتها التى هى الغرض المطلوب منه.
الثالث : أن تنكير حياة تفيد تعظيما ، فتدل على أن فى القصاص حياة متطاولة ، [٥١ ا] كقوله (٢) : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) ، ولا كذلك المثل ؛ فإن اللام فيه للجنس ، ولذا فسروا الحياة فيها بالبقاء.
الرابع : أن الآية مطردة بخلاف المثل ، فإنه ليس كل قتل أنفى للقتل ، بل قد يكون أدعى له ، وهو القتل ظلما ، وإنما ينفيه قتل خاص ، وهو القصاص ، ففيه حياة أبدا.
الخامس : أن الآية خالية من تكرار لفظ «القتل» الواقع فى المثل ، والخالى من التكرار أفضل من للمشتمل عليه ، وإن لم يكن مخلا بالفصاحة.
السادس : أن الآية مستغنية عن تقدير محذوف ، بخلاف قولهم ، فإن فيه حذف «من» التى بعد أفعل التفضيل وما بعدها ، وحذف قصاصا مع القتل الأول وظلما مع القتل الثانى ، والتقدير : القتل قصاصا أنفى للقتل ظلما من تركه.
السابع : أن فى الآية طباقا ؛ لأن القصاص مشعر بضد الحياة ، بخلاف القتل.
الثامن : أن الآية اشتملت على فن بديع ، وهو جعل أحد الضدين الذى هو الفناء والموت محلا ومكانا لضده الذى هو الحياة ، واستقرار الحياة فى الموت مبالغة
__________________
(١) من الوجوه العشرين
(٢) البقرة : ٩٦