جعل كتابه المنزل عليه متضمنا لثمرة كتبه التى أولها : أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون. وقوله (١) : (يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ).
وجعل من معجزة هذا الكتاب أنه ـ مع قلة الحجم ـ متضمن للمعنى الجم ، بحيث تقصر الألباب البشرية عن إحصائه ، والآلات الدنيوية عن استيفائه ، كما نبه عليه بقوله (٢) : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ). فهو وإن كان لا يخلو الناظر فيه من نور ما يوريه ونفح ما يوليه (٣) :
كالبدر من حيث التفتّ رأيته |
|
يهدى إلى عينيك نورا ثاقبا |
كالشمس فى كبد السماء وضوءها |
|
يغشى البلاد مشارقا ومغاربا |
وأخرج أبو نعيم وغيره عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم (٤) ، قال : قيل لموسى عليهالسلام : يا موسى ، إنما مثل كتاب أحمد فى الكتب المنزلة بمنزلة وعاء فيه لبن كلما مخضته أخرجت زبدته.
[علوم القرآن]
وقال القاضى أبو بكر بن العربى فى قانون التأويل : علوم القرآن خمسون علما وأربعمائة علم وسبعة آلاف علم وسبعون ألف علم ، على عدد كلم القرآن مضروبة فى أربعة ؛ إذ لكل كلمة ظهر وبطن ، وحد ومقطع. وهذا مطلق دون اعتبار تركيب وما بينهما من روابط ؛ وهذا مما لا يحصى ولا يعلمه إلا الله. وأمّ علوم
__________________
(١) البينة : ٢
(٢) لقمان : ٢٧
(٣) البيتان للمتنبى فى ديوانه : ١ ـ ١٣٠
(٤) بفتح أوله وسكون النون وضم العين (التقريب).