واليهود على ثلاث فرق (١) :
أحدها : يمنع من نسخ الشّرائع عقلا.
والفرقة الثّانية : تجوّز النّسخ عقلا ، وتمنع منه سمعا.
والفرقة الثّالثة : تجوّز النّسخ عقلا وسمعا ، وإنّما تنكر نبوّة نبيّنا عليهالسلام (٢) لأنّ ما يدّعى له من المعجزات عندهم ليست بدلالة (٣).
وإذا بيّن الدّلالة على نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمعجزات الظّاهرة على يده من القرآن وغيره من الآيات الّتي ظهرت على يده ، ودلّ على وجه الإعجاز منها ، ثبتت نبوّته عليهالسلام (٤) ، وإذا ثبتت نبوّته بطل قول من منع من النّسخ سمعا ، وقول من أنكر نبوّته عليهالسلام ، وإن جاز ذلك عقلا وسمعا.
وكذلك يبطل بصحّة نبوّته صلىاللهعليهوآلهوسلم قول من منع من النّسخ عقلا ، غير إنّا نبيّن أنّ ما يدّعونه من الشّبهة العقلية باطل ، ليعلم بذلك أنّ الّذي تعلّقوا به غير صحيح ، وأنّه لو لم تثبت نبوّة نبيّنا ولا نبوّة أحد من الأنبياء عليهمالسلام لكان ما ذكرناه جائزا سائغا.
__________________
(١) قال الشّريف المرتضى في معرض تعليقه على نقل آراء اليهود (الذريعة ١ : ٤٢٥) : «ولا معنى للكلام على اليهود في أبواب أصول الفقه» ، وهو كذلك لأنّ حكاية خلاف اليهود في كتب أصول الفقه ممّا لا يليق ، لأنّ الكلام في أصول الفقه فيما هو مقرّر في الإسلام وفي اختلاف الفرق والمذاهب الإسلامية ، وأمّا حكاية خلاف الكفّار في هذه المسألة وغيرها فالمناسب ذكرها في كتب الكلام وأصول الدّين. ولكنّ برغم ذلك فإنّ أغلب الأصوليين قد تعرّضوا لأقوال اليهود والإجابة عنها ، راجع : «التبصرة : ٢٥٢ ، المستصفى ١ : ١١١ ، المنخول : ٢٨٨ ، اللّمع : ٥٥ ، الأحكام للآمدي ٣ : ١٠٦ ، شرح اللّمع ١ : ٤٨٢ ، شرح المنهاج ١ : ٤٦٤ المعتمد ١ : ٣٧٠ ، الأحكام لابن حزم ٤ : ٤٧٠ ، ميزان الأصول ٢ : ٩٨٣».
(٢) صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٣) قيل إنّ هذه الفرقة من اليهود والّتي تسمّى ب (العيسويّة) تقول بجواز وقوع النّسخ عقلا ووقوعه سمعا ، واعترفوا بنبوّة نبي الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم لكن يقولون إنّ نبوّته إلى العرب خاصّة لا إلى الأمم كافّة. [انظر : الأحكام للآمدي ٣ : ١٠٦].
(٤) صلىاللهعليهوآلهوسلم.