فصل ـ [٣]
«في ذكر جواز نسخ الشّرعيّات»
الخلاف المعروف في هذه المسألة مع اليهود ، وقد حكي حكاية عمّن لا يعتدّ بقوله من أهل الصّلاة الامتناع من نسخ الشّرائع ، وقوله مطرح لا يلتفت إليه (١).
__________________
(١) أظنّ أنّ الشّيخ يشير بذلك إلى قول الأصفهانيّ حيث نسب إليه الأصوليّون أنّه ـ واليهود ـ يقول بعدم جواز نسخ الشرائع ، وقد اختلف في اسمه فقال الشّيرازي : هو أبو مسلم عمرو بن يحيى الأصفهانيّ (التبصرة : ٢٥١) وقال آخرون : أنّ أبا مسلم الّذي يخالف في النّسخ هو أبو مسلم محمّد بن بحر الأصفهانيّ لا عمرو بن يحيى ، وقيل : انّه محمّد بن عمر ، وفي كلّ الأحوال فقد وصف الأصفهانيّ بأنّه رجل معروف بالعلم ، وكان نحويا ، كاتبا ، بليغا ، متكلّما ، معتزليّا ، عالما بالتّفسير وغيره ، له تفسير (جامع التأويل لمحكم التّنزيل) في أربعة عشر مجلّدا على مذهب المعتزلة ، ولد سنة ٢٥٤ وتوفّي سنة ٣٢٢ ه ، وقد روى الشّريف المرتضى في أماليه في سبعة مواضع عن تفسيره ، ولقد كثرت النقول عن الأصفهانيّ في مسألة جواز النّسخ وعدمه ، فقيل : يمنعه بين الشّرائع ، وقيل : في الشّريعة الواحدة ، وقيل : في القرآن خاصّة ، وقيل : يمنعه شرعا ويجوّزه شرعا ، إلّا أنّ الشّريف المرتضى ـ وتبعه ابن السبكي في (رفع الحاجب ٢ ق ـ ١٣٢ ـ ب) [انظر : التبصرة ص ٢٥١ هامش رقم ٢] ردّ الخلاف فيها إلى خلاف لفظي ، والشّريف أدرى النّاس بكلام الأصفهانيّ إذ وقف على تفسيره واطّلع على آرائه ونقل عنه في أماليه [انظر : غرر الفوائد ١ : ١٣ ، ٣٦٧ ، ٤٥٤ و ٢ : ٩٩ ، ٢٣٤ ، ٣٠٤ ، ٣٠٥] حيث يقول في : (الذريعة ١ : ٤٢٥) : «ومن شذّ من جملة المسلمين فخالف في هذه المسألة ، فإنّما خلاف يرجع إلى عبارة ، ولا مضايقة في العبارات مع سلامة المعاني».