ثباته للاثنين ، لأنّ ثباته للعشرة مندوب إليه ، وكذلك نسخ وجوب قيام اللّيل فجعله ندبا.
وقد يسقط وجوبه إلى وجوب غيره ، وذلك على ضربين :
أحدهما : أن يسقط الواجب المخيّر فيه إلى واجب مضيّق ، وذلك نحو نسخ التّخيير بين الصّوم والفدية (١) بحتم الصّوم بقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)(١).
وقد يسقط الوجوب إلى الإباحة ، نحو سقوط ما أوجب الله تعالى من ترك الأكل والمباشرة في ليالي الصّوم إلى إباحة ذلك (٣).
وقد يسقط المحظور إلى المباح ، نحو ما روي عنه عليهالسلام أنّه قال : «نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها وادّخار لحوم الأضاحي ألا فادّخروها» (٤) ، فعلى هذا يجب أن يجري الباب.
وليس من شرط نسخ الحكم ألّا يقع إلّا بما هو أخفّ منه أو مثله ، على ما يذهب إليه بعض أهل الظّاهر (٥).
__________________
(١) إنّ الله تعالى أوجب في ابتداء الإسلام صيام رمضان مخيّرا بينه وبين الفداء بالمال ، ونسخه بتحتّم الصّوم.
انظر : «الأحكام للآمدي ٣ : ١٢٥».
(٢) البقرة : ١٨٥.
(٣) الآية النّاسخة لحكم وجوب ترك الأكل والمباشرة في ليالي رمضان هي قوله تعالى (البقرة : ١٨٧) (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ). الآية.
(٤) جامع الأصول ١١ : ١٥٢ ، السنن الكبرى ٤ : ٧٧ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٧ : ٣٨٢ ـ ٣٨٥.
(٥) لا خلاف بين جمهور الأصوليين على جواز نسخ الشّيء إلى مثله ، وإلى أخفّ منه ، وأمّا نسخ الشّيء إلى ما هو أغلظ وأثقل منه فإنّ الجمهور أيضا على جوازه ووقوعه ، إلّا أنّ بعض الشّافعيّة ـ لا نعرف أسماءهم بالتحديد وقد نسب ذلك للشّافعي نفسه إلّا أنّ بعض أعلام الشّافعية نفوها عنه ـ وبعض الظّاهريّة ذهبوا إلى عدم الجواز. وقال ابن السبكي (الإبهاج ٢ : ١٥٤) : إنّ ابن داود الظّاهري هو القائل بعدم الجواز.
وقال ابن حزم الأندلسي : (الإحكام ٤ : ٤٩٣) : «قال قوم من أصحابنا ومن غيرهم : لا يجوز نسخ الأخفّ بالأثقل ، والشّيء بمثله ، ويفعل الله ما يشاء ولا يسأل عمّا يفعل».