فصل ـ [١]
«في ذكر حقيقة الحظر والإباحة ، والمراد بذلك»
اعلم أنّ معنى قولنا في الشّيء إنّه محظور : «أنّه قبيح لا يجوز له فعله» ، إلّا أنّه لا يسمّى بذلك إلّا بعد أن يكون فاعله اعلم حظره ، أو دلّ عليه ، ولأجل هذا لا يقال في أفعال الله تعالى أنّها محظورة ، لما لم يكن أعلم قبحها ، ولا دلّ عليه ، وإن كان في أفعاله ما لو كان (١) فعله لكان (٢) قبيحا.
وكذلك (٣) لا يقال في أفعال البهائم والمجانين أنّها محظورة ، لما لم يكن هذه الأشياء اعلم قبحها ولا دلّ عليه.
ومعنى قولنا : «أنّه مباح» أنّه حسن وليس له صفة زائدة على حسنه ، ولا يوصف بذلك إلّا بالشّرطين اللّذين ذكرناهما من إعلام فاعله ذلك أو دلالته عليه ، ولذلك لا يقال أنّ فعل الله تعالى العقاب بأهل النّار مباح ، لما لم يكن أعلمه ولا دلّ عليه ، وإن لم يكن لفعله العقاب صفة زائدة على حسنه وهي كونه مستحقّا.
وكذلك لا يقال في أفعال البهائم أنّها مباحة ، لعدم هذين الشّرطين.
__________________
(١) في الحجرية : ما لو.
(٢) في الأصل : فكان.
(٣) فكذلك.