متى لم يعرف جميع ذلك لم يؤمن أن يكون غير صادق فيما يؤدّيه ، أو يكون ما (١) أدّى جميع ما بعث به ، أو يكون أدّاه على وجه لا يصحّ له معرفته.
فإذا لا بدّ من أن يعرف جميع ذلك ، وإذا عرف جميع ذلك فلا بدّ أيضا أن يعرف الكتاب ، لأنّه (٢) يتضمّن كثيرا من الأحكام الّتي هي المطلوبة.
ولا بدّ من أن يعرف ما لا يتمّ العلم بالكتاب إلّا به ، وذلك يوجب أن يعرف جملة من الخطاب العربي ، وجملة من الإعراب والمعاني ، ويعرف النّاسخ والمنسوخ ، لأنّه متى عرف المنسوخ ولم يعرف النّاسخ اعتقد الشّيء على خلاف ما هو به من وجوب ما لا يجب عليه.
وقد كان يجوز أن يعرف النّاسخ وإن لم يعرف المنسوخ ، لأنّ المنسوخ لا يتعلّق به فرضه ، وإن كان له في تلاوته مصلحة ، إلّا أنّ ذلك على الكفاية ، غير أنّه لو كان كذلك لم يمكنه أن يعرفه ناسخا إلّا بعد أن يعرف المنسوخ ، إمّا على الجملة أو التّفصيل.
ولا بدّ أن يعرف العموم والخصوص ، والمطلق والمقيّد ، لأنّه متى لم يعلم ذلك لا يأمن أن يكون المراد بالعموم الخصوص ، وبالمطلق المقيّد.
ولا بدّ أن يكون عالما بأنّه ليس هناك دليل يصرفه عن الحقيقة إلى المجاز ، لأنّه متى جوّز (٣) ذلك لم يكن عالما به.
ولا بدّ أيضا : أن يكون عالما بالسّنّة ، وناسخها ومنسوخها ، وعامها وخاصّها ، ومطلقها ومقيّدها ، وحقيقتها ومجازها ، وأنّه ليس هناك ما يمنع من الاستدلال بشيء من ظواهرها كما قلناه في الكتاب ، لأنّه متى جوّز ذلك لم يكن عالما بها.
ولا بدّ أن يكون عارفا بالإجماع وأحكامه ، وما يصحّ الاحتجاج به وما لا يصحّ.
ولا بدّ أن يكون عارفا بأفعال النّبي عليهالسلام ومواقعها من الوجوب ،
__________________
(١) ما نافية.
(٢) فإنّه.
(٣) يجوّز.